رم - بقلم الدكتور -فواز أبوتايه
لم ترفع الراية البيضاء في غزة رغم أن العالم بأسره أراد أن يراها تسقط على الركام فما زالت المدينة المحاصرة تقاتل بوعيها وبصبر شعبها الذي حول الجرح إلى منبر والدم إلى شاهد ووقود للوعي أثبت أن الكرامة لا تقاس بعدد الغارات بل بقدرة الأمة على النهوض من تحت الرماد العدو أرادها معركة كسر إرادة لا كسر سلاح لكن الإرادة كانت أصلب من الفولاذ فكل بيت دمر أصبح عنوانا جديدا للصمود وكل شهيدٍ شيد في الوعي الجمعي جدارا من الكبرياء ولكن لا راية بيضاء رفعت !!
لم ترفع الراية البيضاء لأن الوعي لم يهزم ولأن فلسطين برغم الحصار والخذلان — ما زالت تصوغ خطابها بدم أبنائها لا بلغة الوسطاء ولا على موائد المساومات في زمن تتبدل فيه التحالفات وتباع فيه المواقف تحت عنوان "الواقعية السياسية" تظل غزة وحيدة في الميدان ترفع راية واحدة لا تعرف الإستسلام فالمقاومة ليست فعلا عسكريا فحسب بل مشروع كرامة وطنية وموقف أخلاقي ضد عالم فقد ضميره لكن لاراية بيضاء رفعت !!
لقد تحولت المعركة من حدود الجغرافيا إلى معركة وعي عالمي فكل صورة طفل تحت الأنقاض تسقط سردية العدو وكل كلمة لن نرحل تهز أركان منظومته الأخلاقية ولكن لا راية بيضاء رفعت ولن ترفع ما دام في هذه الأمة قلب ينبض بالكرامة والشرف .
أما الموقف العربي وفي مقدمته الأردن فهو يقف اليوم أمام إختبار التاريخ فالأردن الذي ظل صامدا في وجه الضغوط يدرك أن أمنه القومي مرتبط عضويا بفلسطين وأن سقوط غزة يعني فتح الباب أمام مشروع يستهدف قلب المنطقة لذلك بقي العقل السياسي في عمان صوت العقل يرفض تصفية القضية تحت عنوان الحلول الواقعية مؤمن بأن السلام لا يولد من الرماد ولا يفرض بالقوة فالأردن لم يرفع الراية البيضاء أمام التاريخ والشعب الفلسطيني شهوده رفاة شهداء لم تخرج بعد !!!
#ختاما مواقف بقية العواصم العربية منهم من أختار الصمت ومنهم من إختار المسايرة غير أن الشعوب لا تزال على العهد ترى في غزة مرآة لكرامتها وتدرك أن المعركة ليست بين جيش ومقاومة بل بين مشروع يريد للأمة أن تنسى نفسها ومشروع يذكرها بأنها لا تزال حية ففي زمن السقوط تبقى غزة واقفة وفي زمن الانكسار يبقى الأردن صامدا على الثغور ليؤكد الأردن عبر التاريخ أن لا راية بيضاء ترفع أنهم منا ونحن منهم أنهم أهلنا وأبناءنا وأحفادنا أنهم دمنا وشرفنا أنه الأردن كتب كلمته :---
لا راية بيضاء رفعت اللهم أحفظ الأردن وجنبه كل مكروه اللهم أحفظ أبناءنا من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية على الثغور فوالله أننا في قلب المعركة فتأمل يا رعاك الله رسالتي :----
ساوا الصفوف وسدوا الفرج حتى لا يستلل حصان طرواده بينكم.