ظلال على جدار الروح


رم -
ظِلال عَلَى جِدار الرُّوح

-----

1 ـ يَلُفُّ الصَّمْتُ أَبْعادي ظَلامَا
وَيَزْرَعُ فِي مَسافاتي سِهامَا

2 ـ وَتَحْمِلُني هُبُوبُ الرِّيحِ ذِكْرَى
وَتَسْكُبُ فِي مَآقِيَّ الْهُلامَا

3 ـ تُواجِهُني الْمَرايا بِانكِساري
فَأَفْتَقِدُ الْأمَاكِنَ وَالْمَقَامَا

4 ـ وَأُطْرِقُ صامِتًا، وَالصَّمْتُ جُرْحٌ
كَسَابِقِ عَهْدِهِ كَانَ الخِتَامَا

5 ـ أَأَهْرُبُ مِنْ يَدَيَّ لِكَيْ أراها
تُشَيِّدُ حَوْلَ خُطْواتي الْخِيامَا؟

6 ـ وَأَرْجِعُ لِلْبِداياتِ اضْطِرارًا
كَمَنْ فَرَضُوا عَلَى الرَّفْضِ الْتِزامَا

7 ـ أَنَا الْوَجَعُ الَّذِي يَمْتَدُّ سِرًّا
كَجَذْرٍ يَشْتَهِي الْمَوْتَ الزُّؤامَا

8 ـ أَنَا الطِّفْلُ الَّذِي ضَلَّتْ خُطاهُ
فَأَلْفَى الْعُمْرَ مَنْفًى وَاصْطِدامَا

9 ـ يُصادِقُ ظِلَّهُ فِي كُلِّ دَرْبٍ
وَيَحْسَبُ صَمْتَهُ الْعالي اهْتِمَامَا

10 ـ أَنَا الصَّوْتُ الَّذِي قَدْ جَفَّ لَحْنًا
كَصَخْرٍ بَاتَ يَنْشَقُّ انْقِسَامَا

11 ـ تَكَسَّرَ فِي حَناجِرَ مُغْلَقاتٍ
فَمَا أَفْضَى إِلَى الدُّنْيا كَلامَا

12 ـ أَنَا النَّهْرُ الَّذِي تَاهَتْ خُطاهُ
فَأَهْدَى لِلصَّحَارَى الاغْتِرامَا

13 ـ أُخَبِّئُ فِي التَّجاعِيدِ انْهِزامِي
كَمَنْ قَدْ دَسَّ فِي ثَلْجٍ ضِرَامَا

14 ـ وَأَكْتُبُ فَوْقَ جُدْرانِ التَّجَلِّي
حُرُوفًا لا ترى فيها انْسِجَامَا

15 ـ فَإِنْ ضَحِكَتْ شِفَاهِي دُونَ قَصْدٍ
يَسِحُّ الدَّمْعُ شَلَّالًا مُدَامَا

16 ـ فَتُبْصِرُني الْعُيُونُ وَلَا تَراني
سِوَى طَيْفٍ يَزِيدُ بِهَا الْقَتَامَا

17 ـ أَنَا الْمَنْفِيُّ سِرْتُ إِلَى بِلادٍ
أُقاسِمُ شَعْبَها خُبْزًا حَرَامَا

18 ـ شَوَارِعُها تُراقِبُني اشْتِباهًا
وَتَرْمُقُني بِعَيْنَيْها اتِّهَامَا

19 ـ أَنَا الْجُرْحُ الْمُقَيَّدُ فِي كِياني
حِصَانٌ قَدْ أَعَدُّوا لَهُ لِجَامَا

20 ـ إِذَا حَرَّكْتُ أَطْرافي قَلِيلًا
أَحُسُّ الْقَيْدَ يَزْدادُ اضْطِرَامَا

21 ـ أَنَا الشَّوْقُ الَّذِي أَضْحَى رَمَادًا
وَكُلُّ مَلامِحي أَضْحَتْ رُكَامَا

22 ـ أَرَى فِي الْيَقَظَةِ الْأَحْلامَ وَهْمًا
وَكُلُّ مَطامِحِي أَمْسَتْ مَنَامَا

23 ـ وأَهْرُبُ مِنْ مَنَامِي نَحْوَ صَحْوٍ
فَأَلْقَى الصَّحْوَ أَغْلَالًا عِظَامَا

24 ـ أُسافِرُ فِي الْخَرابِ كَأَنَّ ظِلِّي
تَجَسَّدَ مِنْ رَمادٍ لَا عِظَامَا

25 ـ وَأَسْأَلُ كُلَّ بَابٍ عَنْ مَفَازٍ
فَيُغْلِقُ دُونَ تَنْهِيدِي اعْتِصَامَا

26 ـ أَنَا النَّايُ الَّذِي قَدْ شَاخَ يَوْمًا
فَأَخْفَى عَنْ كَواهِلِهِ السَّقَامَا

27 ـ تَهاوَى فِي ثُقُوبِ الصَّمْتِ لَحْنًا
وَصَارَ أَنِينُهُ الْعالي اتِّهَامَا

28 ـ أَنَا الْمِفْتاحُ ضَاعَ بِغَيْرِ بابٍ
أَنَا الْمَهْدُ الَّذِي أَمْسَى حُطَامَا

29 ـ أَنَا الْمَشْنُوقُ مِنْ حَبْلِ التَّمَنِّي
يَرَى فِي كُلِّ تَنْهِيدٍ حِمَامَا

30 ـ أَنَا الْعِطْرُ الْمُسَافِرُ فِي رِياحٍ
يُفَتِّشُ عَنْ دَوَارِقهِ هُيامَا

31 ـ فَلَا قَلْبٌ يَضُمُّ شَذَاهُ يَوْمًا
وَلَا أُفُقٌ يُحَدِدُهُ خِتَامَا

32 ـ أَنَا الْعَطْشانُ فِي صَحْراءِ رُوحِي
أُقايِضُ ماءَ أَيَّامِي سَلامَا

33 ـ وَمَا نِلْتُ السَّلامَ أَوِ ارْتِواءً
فَزِدْتُ بِهِ عَلَى ظَمَئِيَ أُوامَا

34 ـ أَنَا الصَّوْتُ الْغَرِيبُ بِأَرْضِ تِيهٍ
يُنَادِي: مَنْ لِهذَا النَّبْضِ رَامَا؟

35 ـ فَلَا يَأْتِيهِ غَيْرُ صَدًى شَحِيبٍ
عَلَى أَشْلَاءِ ذاتِ الصَّوْتِ حَامَا

36 ـ سَكَنْتُ الصَّمْتَ حَتَّى صَارَ بَيْتِي
فَأَوْرَثَنِي عَلَى صَمْتِي وِسَامَا

37 ـ أَنَا الْجُرْحُ الْعَمِيقُ بِلَا ضِمَادٍ
تَعَايَشَ لَمْ يَعُدْ يَرْجُو الْتِئَامَا

38 ـ أَنَا الْمَطَرُ الْخَجُولُ أَتَى لِأَرْضٍ
يُوَاسِي الْجُرْحَ شُحًّا مُسْتَدَامًا

39 ـ يُبَلِّلُ وَجْهَها الدَّامِي وَيَمْضِي
فيُوقِظُ مَنْ بِهَذَا الْكَوْنِ نَاما

40-عسى يأتي الربيع بُعَيد لأي
فتزهر كُلُّ أَزْهَارِ الْخُزامَى

----

عبدالناصر عليوي العبيدي



عدد المشاهدات : (583)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :