رم - تعرض لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان يوم غد الثلاثاء، الفيلم السوفييتي الجيورجي "بيروسماني" للمخرج جيورجي شينغلايا، وذلك في تمام الساعة السادسة والنصف مساء بمقر المؤسسة بجبل عمان.
ويشكّل الفيلم، تجربة سينمائية مختلفة عن الأشكال المنتشرة في السينما بالعالم، من حيث بناء الفيلم لا على الحكاية الممتدة طوال الفيلم رغم انه فيلم روائي، بل على مقاطع مبنية من تفاصيل حدث أو حالة عبر لقطات مصورة بكاميرا ثابتة في معظم الأحيان وبأسلوب يحول كل لقطة إلى لوحة فنية تشكيلية. من هذه الناحية لا يمكن اعتبار الفيلم فيلما جماهيريا بل هو فيلم يخاطب النخبة من هواة الفن السينمائي، مثله في ذلك مثل أفلام المخرج الشهير عالميا سيرغي بارادجانوف وأشهرها "لون الرمان"(1969).
ويتناول الفيلم مشاهد من حياة الرسام الجيورجي نيقولاي بيروسماني، وهو فنان فطري فقير عاش حياته يتنقل في المدن والقرى ويبيع اللوحات للمطاعم والمقاهي والمتاجر والتي كان يرسمها أمام زبائنه، وأحيانا حسب طلباتهم، ما اكسبه شهرة واسعة في موطنه بعد أن امتلأت جدران المقاهي بلوحاته. كان بيروسماني في بداية حياته مجهولا وعمل بائعا متجولا كما عمل في محطة القطار قبل أن يتنقل بين المقاهي ليبيع لوحاته.
الفيلم يبدو للوهلة الأولى نوعا من السيرة الذاتية، لكنه من حيث الجوهر فيلم عن روح الفنان التي تتعارض مع القيم الاستهلاكية المحيطة به. هناك مقطع في الفيلم هام من هذه الناحية نرى فيه الفنان يفتتح متجرا للأجبان والعسل والحبوب، لكنه ورغم ما يحققه من أرباح سرعان ما يتخلى عنه ويوزع ما فيه من بضائع على الفقراء. يظهر بيروسماني في الفيلم صامتا طوال الوقت، يرتاد المقاهي ويبيع لوحاته ويتناول طعامه ويحتسي الخمر دون أن يتواصل مع المحيطين به، ويبدو أنه يعيش في عزلة عن العالم.
يعرفنا الفيلم على اثنين من الفنانين قاما بالبحث عنه للتعرف عليه بعد أن سمعا عن لوحاته، وهما ينجحان في جلبه إلى المدينة بغرض إقامة معرض للوحاته لكن الصفقة تفشل بسبب تعارض روحه مع متطلبات تجار الفن.
من المشاهد المؤثرة في الفيلم مشهد اكتشاف بيروسماني نزع لوحاته عن الجدران وبيعها من قبل مالكيها بعد أن عمت شهرته الآفاق.
ينتهي الفيلم بموت بيروسماني وحيدا في القبو المعتم الذي كان يتخذه مسكنا له، حيث توفي بيروسماني في العام 1918 في مدينة تيبليسي عاصمة جيورجيا.
والجدير بالذكر أن فيلم "بيروسماني" لم تتح له فرصة العرض خلال العهد السوفييتي وبقي مجهولا إلى أن تم عرضه للمرة الأولى قبل بضع سنوات واعتبره النقاد اكتشافا لتحفة سينمائية.