بورتريه : سلطان العدوان .. هيبة زعيم


رم - كان يكفي أن يطلّ الشيخ سلطان ماجد العدوان على مدرجات الفيصلي، حتى يعلو الهتاف وتختلط التصفيقات بالصدى، رجلٌ صنع لنفسه حضوراً لم يُضاهَ، يجمع بين هيبة الشيخ وحنان الأب، بين الزعامة العشائرية والحكمة الرياضية، بدأ رحلته مع الفيصلي بعد عودته من لبنان عام 1955، حيث كان لاعبًا في فريق النهضة، ليعود إلى وطنه ويضع قدمه على ملعب الفيصلي، الذي كان يضم في حينه أنشطة متعددة من الملاكمة إلى كرة اليد وكرة السلة، قبل أن يتحول اسمه إلى مرادف للإنجاز والتفاني.

لم يكن حضور العدوان مجرد حضور، بل كان صمام أمان للنادي الفيصلي، عموده الفقري، الذي قاد النادي إلى ألقاب محلية وعربية جعلته ينافس كأحد أكبر الأندية في العالم من حيث حصاد البطولات، لم يكن الإداري الذي يسجل الأرقام فقط، بل كان القائد الذي يوزع الأدوار ويصنع الفرص، ويعرف متى يصرّ ومتى يتراجع، وكان حضوره في المدرجات يبعث الطمأنينة في قلوب اللاعبين ويجعل الجماهير تشعر أن الفيصلي ليس مجرد نادٍ، بل بيت كبير للجميع.

وفي الملعب كما في السياسة العشائرية، كان العدوان يلتزم بالحكمة والرصانة، يتعامل مع الجميع بروح ودودة، لكنه صارم إذا اقتضت الضرورة، ولعل هذا المزيج بين الطيبة والحزم، بين روح الأب وهيبة الشيخ، هو ما جعل منه رمزاً لا يُنسى، وحافظ على وحدة النادي وروح المنافسة العالية داخله، وأضحى رمزاً وطنياً أردنياً يحظى باحترام وتقدير ومحبة الجميع.

على الصعيد الشخصي، كان العدوان ابن قبيلة العدوان العريقة في الأردن، قد عاش حياته ملتزماً بالقيم والعادات، محافظاً على تراثه وعائلته، ومخلصاً لوطنه وناديه وقضيته القومية العربية حتى آخر لحظة، وقد مثل المنتخب الوطني بين 1958 و1967، مثبتاً أنه قائد ليس في الإدارة فقط، بل على أرض الملعب أيضاً.

كان أبو بكر صلباً كجبل لا تهزه العواصف، صرامته لم تفقده وداعته، وهيبته لم تمنعه من أن يكون قريباً من اللاعبين والجماهير، ولأنه كان ابن الملعب والعرين، فقد عرف كيف يحول الإدارة إلى مدرسة، وكيف يُبقي الانتماء هو البطولة الأسمى، في عهده، صار الفيصلي أكثر من نادٍ، صار بيتاً كبيراً لكل الأردنيين، ورمزاً للانتماء والروح الوطنية.

وخلال مسيرته الطويلة مع الفيصلي، قاده ليكون أكثر الأندية الأردنية والعربية تتويجاً بالبطولات، حتى دخل قائمة الأندية العالمية من حيث عدد الألقاب، فقد رفع الفيصلي تحت قيادته الدوري والكأس مرات متكررة، وحقق إنجازات عربية لامعة، أبرزها الفوز ببطولة كأس الاتحاد الآسيوي مرتين، ليصبح النادي سفيراً لكرة القدم الأردنية في المحافل المختلفة، وكان العدوان يرى أن البطولة لا تُقاس فقط بالكؤوس، بل بالانتماء الذي يُزرع في قلوب اللاعبين والجماهير.

فجر يوم السبت الموافق 22 ديسمبر 2018، غادرنا سلطان ماجد باشا العدوان في مستشفى المركز العربي، لكن إرثه، وهيبته، وزعامته، وإنجازاته مع الفيصلي، ستبقى خالدة في قلوب الأردنيين، وفي تاريخ الرياضة الأردنية والعربية.



عدد المشاهدات : (4068)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :