رم - كريستين حنا نصر
منطقة الشرق الاوسط تمر اليوم بمراحل عصيبة خاصة بعد أحداث السابع من اكتوبر عام 2023م ، وتبعاته وما يتصل بها من تطور الصراع بين اسرائيل وحركة حماس في غزة ، وبالطبع كانت كلمة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة الثمانين عنوانها وموضوعها البارز هو الصراع في غزة وتداعياته، وبالأخص على معاناة الشعب في غزة جراء هذه الحرب ، الى جانب حديث جلالته عن أهمية ومركزية دور الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس .
وعلى هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وما تخللها من كلمات لزعماء العالم الذين هم جزء من الأمم المتحدة ، عُقد بعد القمة اجتماع بالغ الاهمية بين الرئيس الامريكي دونالد ترامب وزعماء الدول العربية والاسلامية ، وبعد هذه اللقاءات الملكية الدولية يأتي لقاء جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين مع رؤساء وزراء الاردن السابقين في قصر الحسينية في العاصمة عمّان للحديث عن أهم مخرجات الاجتماعات في قمة الثمانين للأمم المتحدة ومجمل ما جرى على هامشها من اجتماعات ولقاءات خلال زيارة جلالته لنيويورك .
حيث أكد جلالته فيها أن الاردن سيبقى كما هو على الدوام مستعداً لحماية المملكة الاردنية وسيادة الأمن الوطني ، وفي هذا اللقاء البالغ الأهمية مع رؤساء الوزراء السابقين ، بين جلالته أن هدف اللقاء هو توضيح نتائج زيارته الى نيويورك واصفاً أياها بالناجحة ، مشيراً جلالته إلى النقاط الهامة أبرزها أن الاردن دوماً يعمل مع الأشقاء العرب وجميع الشركاء في العالم على تفاصيل الخطة الشاملة حول غزة ، حيث تمّ هناك اجتماع بالغ الاهمية مع الرئيس الامريكي دونالد ترامب وقادة بعض الدول العربية والاسلامية بشأن غزة ، والذي اعقبه اصدار بيان مشترك من قادة بعض الدول العربية والاسلامية ودول اعضاء في منظمة التعاون الاسلامي وكان جوهره موضوع الواقع والوضع المأساوي والغير محتمل في قطاع غزة ، خاصة نتائج هذه الحرب وفي مقدمتها الكارثة الانسانية والخسائر البشرية الفادحة ، وقد أكد البيان المشترك على موقف الدول الرافض للتهجير القسري وضرورة السماح بعودة الغزيين الذين غادروا القطاع ، وأكد القادة على سرعة وضرورة إنهاء الحرب ، والسعي للنجاح في تحقيق فوري لمطلب وقف اطلاق النار والذي سينتج عنه ويكفل اطلاق سراح جميع المحتجزين من الطرفين والسماح بادخال المساعدات الانسانية الكافية ، وهذه النقاط هي الشروط الأساسية للوصول الى سلام عادل ودائم .
وهنا الهدف الأسمى للرئيس ترامب هو وقف الحرب والسعي الى حل المشاكل والصراعات في الشرق الاوسط ، وبشكل خاص حرب غزة ، علماً أن هذا الأمر كان الهدف المعلن في البيان الانتخابي لترامب في الانتخابات الرئاسية الامريكية ، والآن يسعى الى تحقيقه و وقف الحرب الحالية المشتعلة في غزة ، والسؤال هنا هل سوف ينجح ترامب بالمحصلة في تحقيق السلام ؟ ، وبالاخص أنه ينظر إلى حلول اقتصادية في المنطقة أي بمعنى سلام يستبدل الحروب بعلاقات اقتصادية وتوفر فرص العمل وتبادل اقتصادي يُنعش الدول العربية بالتبادل الاقتصادي مع دول العالم كافة ، والعنوان الاساسي للرئيس ترامب في اجتماعه ببعض الزعماء والقادة العرب والمسلمين هو وبالخط العريض ( انهاء الحرب في غزة ) ، وعودة الحياة في الشرق الاوسط والذي وصفها بأنهاء حياة جميلة وسوف تكون أجمل إذا لم يكن هناك حروب وصراعات .
واعتقد أن كل هذه المعطيات هي التي دعت جلالة الملك عبد الله الثاني أن يصف ويناقش نتائج هذه الاجتماعات ( الجمعية العامة واللقاء بزعماء العالم في نيويورك ) مع رؤساء الوزراء الاردنيين السابقين ، حيث وضح لهم التقارب الكبير بين وجهات نظر القادة العرب والمسلمين وبالأخص في ملف القضية الفلسطينية والاوضاع المتعلقة بالحرب في غزة ، وأيضاً تطرق لقاء جلالته الى العدوان الاسرائيلي على قطر واستهداف مكتب حماس فيها وأكد أن هذا يعطي دلالات إرهاب المنطقة بالقوة ، وهذا العدوان ونتائجه قد أضر بعلاقات الدول العربية مع اسرائيل ، وايضاً تطرق جلالته في لقائه مع رؤساء الوزراء السابقين الاردنيين للحديث عن الاوضاع الراهنة في بعض الدول العربية ، على سبيل المثال الاوضاع في سوريا ولبنان وأكد على حرص الاردن على دعم جهوده الفعّالة للحفاظ على سيادة هذه الدول واستقرارها ، حيث لعب الاردن دوراً بارزاً في الملف السوري أثناء حكم بشار الاسد البائد وبعده أثناء فترة الرئيس الانتقالي المؤقت احمد الشرع ، وعلى سبيل المثال اجتماعات خطوة مقابل خطوة والتي عقدت في عمان أثناء حكم بشار الاسد وغيرها من الاجتماعات واللقاءات المدعومة اردنياً لحل الأزمة السورية ، ومؤخراً لعب الاردن دوراً بارزاً مهماً في الملف السوري وبشكل خاص خلال الصراع الذي جرى بين العشائر العربية السورية والمكون الدرزي في السويداء ، حيث جاء السعي الاردني لحل الأزمة وتهدئة الأمور المتفاقمة في هذا الملف حصراً ، وأيضاً ما يشهده الوضع في لبنان والمتأزم خاصة ما يتعلق بمساعي الدولة اللبنانية وهدفها في حصر السلاح فقط بيد الجيش وبصورة حصرية ، والتي للآن وللأسف لم تستطع حل هذا الملف المُعقد ، خصوصاً مسألة سلاح حزب الله والذي لم يوافق الى الان بتسليم سلاحه للدولة اللبنانية ، وفي الملف اللبناني وبهدف تقوية أمن واستقرار لبنان ، فقد قدم الاردن في عام 2024م معدات عسكرية للجيش اللبناني لتعزيز دوره في ضبط الاوضاع والاستقرار .
ان جلالته وعلاقته المميزة عربياً ودولياً وبالأخص العلاقات القوية مع الولايات المتحدة الامريكية ، التي يحظى عند ادارتها بثقة مبعثها حكمة جلالته الثاقبة ، يسعى جلالته من خلالها وعلى الدوام الى ايصال الهم العربي لدول العالم خاصة في مجال السعي لحل الملفات العالقة والصراعات المشتعلة في الشرق العربي .
واليوم فإن أهم ملف هو السعي الى انهاء الحرب في غزة ، حيث لعب الاردن دوراً بالغ الاهمية في دعم واغاثة الشعب المنكوب في غزة ، من خلال امدادهم ومساعدتهم بارسال المستشفيات الميدانية الاردنية وايصال المساعدات الانسانية ، ونتمنى أن تكون هذه الاجتماعات خاصة الاجتماع مع دونالد ترامب الذي جرى على هامش اجتماع الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة مع زعماء الدول العربية والاسلامية أن تنجح في تحقيق ما خلص اليه من مخرجات بالغة الاهمية ، كما نتمنى ونتطلع الى تحقيق الهدف الاسمى من الاجتماع أي وقف الحرب في غزة واحلال الأمن والسلام في منطقة الشرق العربي المثقل بالصراعات منذ عقود للأسف .