رم - * الإنفلونزا والمخلوي أبرز التهديدات الصحية الموسمية وجائحة المضادات الحيوية الخاطئة
في ظل التغيرات المناخية وبدء موسم انتشار الفيروسات التنفسية مع حلول فصل الخريف، أطلق استشاري الأمراض الصدرية والتنفسية، رئيس جمعية الرعاية التنفسية الأردنية، الدكتور محمد حسن الطراونة، تحذيرًا شديد اللهجة من الاستخدام "الجائر والمفرط" للمضادات الحيوية في علاج نزلات البرد والإنفلونزا الفيروسية، مؤكداً أن هذا السلوك يشكل خطراً مباشراً على صحة الأفراد ويهدد بظهور سلالات بكتيرية مقاومة للمضادات الحيوية.
المضادات الحيوية.. سلاح غير فتاك ضد الفيروسات
شدد الدكتور الطراونة على أن المضادات الحيوية هي مركبات صُممت لقتل أو تثبيط نمو الجراثيم (البكتيريا، الفطريات، والطفيليات)، بينما أن المسبب الرئيسي لنزلات البرد والإنفلونزا هو الفيروسات. وأوضح قائلاً: "ليس للفيروسات بنية تتأثر بالمضادات الحيوية، لذلك فإن هذه الأدوية ليس لها أي مفعول ضدها".
وحذر الاستشاري من أن العلاج غير المفيد بالمضادات الحيوية محفوف بمخاطر صحية محتملة، حيث قد يسبب آثارًا جانبية لدى المريض مثل الإسهال، وعدوى معوية شديدة (كالتهاب القولون الغشائي الكاذب)، والحساسية الجلدية، وقد يؤدي أحياناً إلى ارتفاع في وظائف الكلى والكبد. والأخطر من ذلك، أكد الدكتور الطراونة أن "العلاج غير المنضبط بالمضادات الحيوية يساهم في ظهور بكتيريا خارقة تنتشر بين الناس، تكون مقاومة للمضادات الحيوية المستخدمة حالياً، مما يعرض حياة المرضى للخطر في حالة الإصابة بعدوى بكتيرية لاحقاً".
أشار الدكتور الطراونة إلى أن فصل الخريف يتميز بالتقلب المناخي الذي يفتح الباب واسعًا لانتشار حزمة من الفيروسات التنفسية، أبرزها فيروسات الإنفلونزا الموسمية، والفيروس التنفسي المخلوي، وبعض الفيروسات التاجية ونظائر الإنفلونزا. وحذر بشكل خاص من أن المصابين بالحساسية هم الفئة الأكثر عرضة للإصابة السريعة بهذه العدوى.
وبيّن أن العدوى الفيروسية هي في غالب الحالات أمراض تشفى من تلقاء نفسها، ويقتصر علاجها على معالجة الأعراض فقط باستخدام مسكنات الألم وخافضات الحرارة ومضادات احتقان الأنف والحلق. ومع ذلك، نبه إلى أن الإصابات قد تتطور لتصبح التهابات بكتيرية ثانوية تؤدي إلى ارتفاع شديد في درجات الحرارة وقد تصل بالمريض إلى مرحلة الالتهاب الرئوي.
ودعا الدكتور الطراونة إلى ضرورة استشارة الطبيب المختص فوراً في حال ظهور مجموعة من الأعراض التي تنذر بخطورة، منها:
* ارتفاع شديد في درجة الحرارة غير قابل للنزول بالخافضات الاعتيادية.
* ميل الشفاه والأطراف إلى اللون الأزرق.
* التشويش في درجة الوعي.
* صعوبة في التنفس أو سعال متكرر مع نفث دموي.
* الكحة الجافة، وإفرازات الأنف والفم غير الطبيعية والملونة، وارتفاع درجة حرارة الجسم.
في سياق متصل، حذر الدكتور الطراونة من أن التجمعات في المدارس والجامعات مع بداية الخريف، بالتزامن مع ارتفاع عالمي في سلالات فيروس الإنفلونزا الموسمية، ينذر بـ"موجة جديدة من حالات الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي العلوي" في الأشهر المقبلة. وأكد أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، وكبار السن، والسيدات الحوامل هم الأكثر عرضة للإصابة بالمضاعفات.
ولتقليل حدة الإصابات والوقاية من مضاعفاتها الخطيرة، دعا الدكتور الطراونة المواطنين والكوادر الطبية خصوصًا إلى الحصول على مطعوم الإنفلونزا الموسمية، مؤكداً أن المطعوم يوفر حماية قد تصل إلى 75%.
كما شدد على أهمية حصول كبار السن وأصحاب الأمراض التنفسية المزمنة (كالربو والانسداد القصبي المزمن وتليف الرئة) على مطعوم المكورات الرئوية، لدوره الكبير في حمايتهم من الالتهابات الرئوية ومضاعفاتها.
وفيما يتعلق بتعزيز المناعة، أشار إلى أن الحصول على نوم كافٍ (من 7 إلى 8 ساعات) والحرص على التغذية الكافية والحركة، عوامل أساسية لتقليل احتمالية الإصابة بالفيروسات التنفسية. كما نبه إلى ضرورة تهوية الغرف الصفية في المدارس، وتجنب الاكتظاظ، وعزل الطالب المصاب، مع توعية الطلبة المستمرة بأهمية غسل اليدين لمنع نقل العدوى للأهالي في المنازل.