رم - بقلم الدكتور -فواز أبو تايه
لم يعد أمام الفلسطينيين ترف الإنتظار فمنذ عقود يساق الشعب بين وهمين قاتلين ثورة إستنزفت شعبها وفصائلها ودولة مسخ ولدت مشوهة في كواليس أوسلو بلا سيادة ولا كرامة النتيجة أن القضية الفلسطينية جرى تفريغها والقيادة الرسمية غرقت في فخ الوظيفة الأمنية بينما الإحتلال يلتهم اللحم والدم والأرض ويقتل الحلم لشعب يستحق الحياة والكرامة والعيش الكريم .
الثورة التي أُفرغت من مضمونها من خلال أدوات السلطة التي حملت البندقية والهوية وكانت ذات يوم عنوان الشرف العربي وقعت في أسر الإنقسام وتكلست في قوالب سياسية بالية تحولت إلى سلطة صغيرة محاصرة تحولت طاقة المقاومة إلى صراع داخلي مكنت العدو من إختراق الصفوف وتحويل الثورة إلى أدوات متناحرة تلك الدولة التي لم تولد في إتفاق أوسلو لم تكن بوابة إلى الحرية بل فخا محكما لإغتيال الحلم الفلسطيني ما يسمى "السلطة الوطنية" تحولت إلى جهاز إداري وظيفي أقصي حملة السلاح من لجانها التشريعية والتنفيذية وما تبقى خضع لعملية الإخصاء السياسي سلطة تعيش على فتات المانحين وظيفتها ضبط الشارع الفلسطيني وفق معايير الإحتلال تلك الدولة التي رسم الفلسطينيون بها حلمهم ليست إلا سلطة بلا سيادة وعلما بلا حدود ومقعدا شكليا في المحافل الدولية.
نحن أمام الطريق الثالث ضرورة لا خيار إن استمرار الفلسطينيين بخطين ثورة عظيمة لكنه عقيمة ودولة زائفة يعني تسليم مفاتيح القضية للعدو هنا يبرز الطريق الثالث مشروع وطني جديد يتجاوز أوهام أوسلو وعجز السلطة ويعيد وصل الفلسطيني بالمعنى الحقيقي للتحرر. هذا الطريق الثالث يقوم على إسقاط شرعية أوسلو التي كبلت الشعب وجعلت السلطة رهينة الإحتلال وإعادة بناء البيت الفلسطيني بمؤسسات شرعية منتخبة تمثل الداخل والشتات معا مقاومة ذهبت للمشهد الأخير في السردية الفلسطينية الشعب يقاوم باللحم الحي والإعلام يفضح دبلوماسية تلاحق الإحتلال كمجرم حرب في كافة دول العالم لقد كسر إحتكار القرار وعادت فلسطين إلى أصحابها الشرعيين وهو الشعب لا النخب المتكلسة التي أكل عليها الدهر وشرب .
إنها غزة ميدان الحقيقة غزة اليوم ليست مجرد جغرافيا محاصرة بل مختبر التاريخ الفلسطيني فهي لم تنكسر رغم الحصار والحروب المتتالية وأسقطت أسطورة "الجيش الذي لا يقهر" في غزة تبلورت معادلة جديدة.مقاومة تفرض شروطها على العدو وشعب يصمد رغم الكلفة الباهظة غزة بهذا المعنى تمثل مفتاح الطريق الثالث: فهي لا تعيش وهم الدولة الزائفة، ولا تنغلق في شعارات ثورية بلا أثر بل تجسد فكرة التحرر الفعلي الذي يجمع بين البندقية والصمود الشعبي والإرادة السياسية .
الأردن والمشهد العربي دفع ضريبة ضعف السلطة الفلسطينية فقد زاد من الضغط على الأردن الذي يواجه خطر "الوطن البديل" وضغوط الإملاءات الإسرائيلية الطريق الثالث ليس مخرجا للفلسطينيين وحدهم بل درعا واقيا للمحيط العربي من الإنهيار ورسالة بأن فلسطين ليست قضية حدود ضيقة بل قضية تحرر عربي وإنساني شامل فتأمل دول العالم وشعوبها يا رعاك الله .
خاتما الثورة وحدها لن تحرر الأرض والدولة كما أرادها أوسلو ليست سوى قيد مزيف الخيار واضح إما أن يولد الطريق الثالث من رحم المعاناة أو تترك فلسطين نهبا لإحتلال يفرض روايته على العالم الطريق الثالث ليس نظرية ولا رفاهية بل هو معركة وجود إما أن تكون فلسطين أو لا يكون شيء."فلسطين بين الثورة الوهمية والدولة المسخ" سقطت أوسلو ونهضت المقاومة غزة أمام مفترق طرق في تاريخ رسم المنطقة ثورة قدمت نفسها باللحم لحي ودولة زائفة بلا لون وطعم ورائحة.
فلسطين بين عبث السلطة ووهم أوسلو وبوصلة المقاومة فأقصر الطرق للوصول الخط المستقيم أنه الجامع للدم الفلسطيني مشروع وطني فلسطيني جامع .