رم - بقلم: النائب الدكتور أيمن البداودة
في كل مرة يعتلي فيها جلالة الملك عبدالله الثاني منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، لا يكون الخطاب مجرد مشاركة دبلوماسية، بل هو إعلان موقف سيادي وأخلاقي، يُعيد تعريف دور الأردن في العالم، ويُثبت أن الدولة الصغيرة بحجمها الجغرافي، كبيرة بثباتها ومبادئها
لقد تابعتُ خطاب جلالة الملك في الدورة الثمانين للجمعية العامة، فوجدته امتدادا طبيعيا لفلسفة أردنية راسخة، تقوم على ثلاث ركائز لا تتغير: السلام، والتنمية، وحقوق الإنسان. هذه ليست مفردات عابرة، بل هي جوهر السياسة الأردنية، وهي ما يمنح خطابنا الدولي مصداقية عالية، نابعة من واقعنا كدولة الأكثر استقرارا في محيط مضطرب
إن لقاءات جلالة الملك مع قادة العالم ومنظماته على هامش أعمال الجمعية العامة، تؤكد أن الأردن لا يكتفي بإيصال صوته، بل يُصغي، ويتفاعل، ويقترح حلولًا. وفي قلب هذه اللقاءات، تظل القضية الفلسطينية حاضرة، ليس بوصفها ملفا سياسيا فقط، بل باعتبارها قضية إنسانية وأخلاقية، تمس جوهر العدالة الدولية
لقد شدد جلالة الملك على حل الدولتين، وعلى ضرورة الاعتراف الدولي بالسيادة الفلسطينية، وهو ما أعتبره خطوة جوهرية نحو تحويل السلطة الوطنية الفلسطينية إلى دولة كاملة العضوية والحقوق. هذا الطرح الأردني لا يُمثل فقط موقفا سياسيا، بل هو تعبير عن التزام تاريخي تجاه شعب يعاني من المجازر والتضييق والتهجير
وفي ظل تصاعد العنف الإسرائيلي، فإن خطاب جلالة الملك يُعيد ضبط البوصلة الدولية، ويُذكر العالم بأن الصمت لم يعد خيارا فإسرائيل، كما تقول المعارضة داخلها، تعيش أزمة أخلاقية وسياسية، بينما يرد الأردن بخطاب عقلاني، واضح، ومُستحق، يُعيد الاعتبار للحق الفلسطيني، ويُطالب العالم بالتحرك قبل أن يُغرقنا الدمار أكثر
إنني، كنائب في البرلمان الأردني، أرى في خطاب جلالة الملك خارطة طريق للدبلوماسية الأردنية، ورسالة إلى الداخل والخارج بأن الأردن سيبقى صوتا للحق، وملاذا للاتزان، ومنبرا للعدالة، مهما اشتدت العواصف