بيان دولي مشترك من ضمنه الأردن يدعو للالتزام بقوانين جنيف وحماية المدنيين في النزاعات


رم - يشكل البيان المشترك الصادر اليوم الأحد من الأردن والبرازيل والصين وفرنسا وكازاخستان وجنوب أفريقيا، بالإضافة إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أهمية خاصة في تعزيز القانون الدولي الإنساني، كونه يمثل تجديدًا جماعيًا للالتزام باتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها، ويسهم في ترسيخ القواعد التي تحمي المدنيين والعاملين في الإغاثة والإعلام.
وقال قانونيان لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن التعاون بين الدول والمنظمات الإنسانية يلعب دورًا محوريًا في ترسيخ احترام القانون الدولي والقانون الإنساني؛ مشيرين إلى أن هذا التعاون يتيح تبادل الخبرات، ووضع آليات مشتركة لمراقبة الانتهاكات وتوثيقها.
وحثَّا على استثمار الإعلان الحالي كفرصة لإطلاق حوار سياسي وتقني شامل يقود إلى نتائج ملموسة، مؤكدين أن من المهم ترجمة الالتزامات الدولية إلى إجراءات فعالة لحماية المدنيين ورفع كفاءة الاستجابة الإنسانية في النزاعات.
وأكد أستاذ القانون العام في كلية الحقوق ومدير مركز الاستشارات في الجامعة الأردنية، الدكتور محمد معاقبة، أن البيان المشترك الصادر عن مجموعة من الدول، من ضمنها الأردن، يكتسب أهميته بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، خاصة في سياق القانون الدولي الإنساني. مشيرًا إلى أن هذا البيان لا يقتصر على كونه إعلانا سياسيًا، بل يمثل تجديدًا جماعيًا للالتزام بالقواعد الأساسية التي أرستها اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولان الإضافيان لعام 1977.
وأوضح أن مثل هذه البيانات تساهم في تعزيز الطابع العرفي للقانون الدولي الإنساني، وتوجه رسالة واضحة إلى الأطراف المنخرطة في النزاعات بأن المجتمع الدولي يقف موحدًا خلف مبدأ حماية المدنيين والحد من آثار الحرب، وتعد أداة ضغط دبلوماسي وأخلاقي تساهم في تكوين مناخ من الرفض الدولي لأي انتهاكات جسيمة، بما في ذلك الهجمات على المرافق الصحية أو استخدام أساليب الحرب المحظورة.
وعلى الصعيد الدولي، أوضح معاقبة أن للأمم المتحدة، وبوجه خاص جمعيتها العامة، دورًا لا غنى عنه في ضمان احترام القانون الدولي الإنساني. فالجمعية العامة، باعتبارها تضم جميع الدول الأعضاء، تشكل منتدى جامعًا لتبادل المواقف والتوصل إلى توافقات حول قضايا إنسانية حساسة، من خلال قراراتها وتوصياتها، حيث تساهم في تفسير أحكام القانون الإنساني وتطويره، وتفتح المجال لإنشاء لجان تقصي الحقائق أو آليات المراقبة المستقلة.
وأشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهيئات مثل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، تعزز هذا الدور عبر التقارير الدورية التي ترصد الانتهاكات وتقدم توصيات عملية للمجتمع الدولي.
رغم أن قرارات الجمعية العامة ليست ملزمة قانونيًا بالمعنى الدقيق، إلا أنها تحمل وزنًا سياسيًا ومعنويًا كبيرًا، يساهم في تكريس الأعراف الدولية وتعزيز شرعية القانون الإنساني. قال معاقبة إن احترام القانون الدولي الإنساني يظل في نهاية المطاف مرهونًا بما تقوم به الدول على الصعيد الوطني، فالقواعد الدولية لا تجد طريقها إلى التنفيذ إلا إذا جرى إدماجها في التشريعات الوطنية، سواء عبر تجريم جرائم الحرب أو من خلال وضع آليات مساءلة فعالة.
وأضاف أن إنشاء لجان وطنية للقانون الدولي الإنساني، وهو ما أوصت به اللجنة الدولية للصليب الأحمر مرارًا، يشكل خطوة مؤسسية مهمة لتنسيق الجهود الداخلية وضمان استدامتها، والأهم من ذلك تفعيل القضاء الوطني لملاحقة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة، باعتبار المساءلة أداة ردع لا غنى عنها في مواجهة جرائم الحرب.
وقال أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق بالجامعة الأردنية، الدكتور ليث نصراوين، إن من أهم التحديات في مجال حماية المدنيين والعاملين في الإغاثة والصحفيين أن أطراف النزاع لا تلتزم غالبًا بالقانون الدولي الإنساني، وذلك بسبب غياب الإرادة السياسية أو ضعف آليات المساءلة القانونية.
وأشار إلى أن الحروب الحديثة لم تعد بين دول فقط، بل بين جيوش غير نظامية وجماعات مسلحة غير حكومية، وهو ما يجعل ضبط السلوك أصعب بكثير من الحرب الواضحة المعالم بين الدول.
وأضاف أن المناطق المتأثرة بالنزاعات تكون مغلقة أو خطرة، مما يعيق وصول المساعدات ويعرض الصحفيين والعاملين في الإغاثة للاستهداف المباشر كوسيلة للضغط، وفقًا لنصروين.
وأكد أن هذه الظروف تجعل القواعد القانونية ذات الصلة، في الكثير من الحالات، نصوصًا نظرية فارغة يصعب تطبيقها على أرض الواقع، ما لم تدعمها ضمانات دولية حقيقية وأدوات قضائية فاعلة.
ولفت إلى أن أهمية هذه المبادرة تكمن في أنها تذكر دول العالم والمجتمع الدولي، إلى جانب الأطراف المسلحة، بمسؤولياتها القانونية والأخلاقية. فإذا ارتبطت هذه المبادرة بتقارير متابعة دورية وجهود مستمرة لتوثيق الانتهاكات، فإنها ستنتج عنها ضغط سياسي ودبلوماسي على المنتهكين، وتدفعهم لتغيير سلوكهم واحترام قواعد القانون الدولي.
وأضاف أن إعلان الالتزام في المحافل الدولية يخلق نوعًا من الرقابة المعنوية، حيث تُقاس شرعية الدول والأطراف المسلحة اليوم بمدى احترامها للمدنيين والعاملين في المجال الإنساني. وبذلك، تتحول المبادرة من مجرد شعارات رنانة إلى أداة لخلق ثقافة جديدة تجعل من الالتزام بالقانون الدولي معيارًا للقبول والشرعية.
وأوضح أن التعاون بين الدول والمنظمات الإنسانية يلعب دورًا محوريًا في ترسيخ احترام القانون الدولي والقانون الإنساني؛ فهو يتيح تبادل الخبرات، وتنفيذ برامج تدريب للقوات المسلحة، ووضع آليات مشتركة لمراقبة الانتهاكات.
وأشار نصراوين إلى أن العمل الجماعي يضاعف من قوة الضغوط السياسية والاقتصادية على الأطراف التي تتجاهل القانون، ويمنع تسييس القضايا الإنسانية باعتبارها مسؤولية جماعية لا تخص دولة بعينها. وهذا النوع من التعاون يرفع كلفة الانتهاكات ويزيد من فرص المحاسبة، مما يعزز من احترام المدنيين وأحكام القانون الدولي في مناطق النزاع.
(بترا)



عدد المشاهدات : (4213)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :