الأستاذ الدكتور يحيا سلامه خريسات
لم يعد التعليم التقني والمهني خيارًا تكميليًا في مسيرة التنمية الوطنية، بل تحول إلى ضرورة ملحّة لمواجهة تحديات العصر، وتلبية احتياجات الاقتصاد، وفتح آفاق أوسع أمام الشباب لدخول سوق العمل بمهارات عملية ومعارف تطبيقية. وقد باتت التجارب الدولية تؤكد أن الدول التي أولت التعليم المهني والتقني أهمية استراتيجية، استطاعت تحقيق معدلات نمو أعلى، وتقليل نسب البطالة، وتعزيز قدرتها التنافسية عالميًا.
يواجه النظام التعليمي التقليدي تحديًا جوهريًا يتمثل في الفجوة بين مخرجاته واحتياجات سوق العمل. فالكثير من الخريجين يملكون معارف نظرية، لكنهم يفتقرون إلى الخبرات العملية التي يتطلبها القطاع الإنتاجي والخدمي. وهنا يبرز التعليم التقني والمهني كأداة حيوية لسد هذه الفجوة، من خلال الدمج بين المعرفة النظرية والتدريب الميداني، وإعداد قوى عاملة مدربة قادرة على الانخراط المباشر في سوق العمل.
يسهم التعليم التقني والمهني في تحقيق أهداف التنمية المستدامة عبر:
• تقليل نسب البطالة وتوفير فرص عمل حقيقية.
• رفع كفاءة الإنتاجية وزيادة القيمة المضافة للموارد البشرية.
• تعزيز الاقتصاد الوطني عبر تقليل الاعتماد على العمالة الوافدة.
• تمكين الشباب والمرأة من ريادة الأعمال، وإطلاق مشاريع صغيرة ومتوسطة ذات أثر تنموي.
وفي هذا السياق، يبرز برنامج BTEC (Business and Technology Education Council) كأحد النماذج التعليمية العالمية الرائدة، حيث يعتمد على المشاريع العملية والدراسات التطبيقية، أكثر من الامتحانات التقليدية، ويتيح للطلبة تطوير مهارات التفكير النقدي، والعمل الجماعي، وحل المشكلات. كما يُعتمد الـ BTEC في العديد من الجامعات العالمية كمسار مؤهل للبرامج الأكاديمية المتقدمة، فضلاً عن كونه مدخلًا مباشرًا إلى سوق العمل بمهارات معترف بها دوليًا.
إن الارتقاء بالتعليم التقني والمهني يحتاج إلى رؤية وطنية واضحة تقوم على:
1. تعزيز مكانة هذا النوع من التعليم مجتمعيًا وتغيير الصورة النمطية السائدة حوله.
2. مواءمة التخصصات مع أولويات الاقتصاد الوطني عبر شراكات وثيقة مع القطاع الخاص.
3. تطوير البنية التحتية التعليمية والتدريبية لتواكب أحدث التقنيات العالمية.
4. اعتماد برامج نوعية مثل الـ BTEC لرفع كفاءة المخرجات التعليمية إلى معايير عالمية.
إن التعليم التقني والمهني ليس مجرد مسار بديل للتعليم الأكاديمي، بل هو البوابة الحقيقية للشباب نحو سوق العمل، وأداة استراتيجية لتعزيز التنمية المستدامة. ومع تبني برامج رائدة كـ BTEC، يمكن إعداد جيل مؤهل يمتلك القدرة على المنافسة والإبداع، ويسهم بفاعلية في بناء اقتصاد وطني قوي ومستقبل أكثر إشراقًا.
لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
|
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |