خبير سياسي : هذه الأرض تتهيأ لأمر عظيم !!!!


رم -
بقلم الدكتور فواز أبوتايه.

ليست الأحداث التي تعصف بالمنطقة العربية مجرد إرتدادات لأزمات متفرقة بل هي حلقات في سلسلة طويلة من التحولات الكبرى التي تعيد تشكيل الخريطة السياسية والفكرية والجيوستراتيجية لهذه الأرض من ينظر بعين الباحث في التاريخ يدرك أن الشرق الأوسط لم يعرف يوما السكون فهو دائم الحركة دائم التحول وكأن قدره أن يكون المختبر الأول للنظام العالمي.

أول ما يلفت النظر التحولات البنيوية في الإقليم وهو أن معظم الصراعات لم تعد صراعات محلية محضة بل تحولت إلى تقاطعات بينية بين القوى الدولية والإقليمية قاسمها المشترك. القضية الفلسطينية التي عادت بريعان شبابها قضية لم يعد العرب أوصياء عليها عادت لأهلها إنها لم تعد مجرد ملف تفاوضي أو نزاع حدودي بل صارت رمزا للصراع على هوية المنطقة بأكملها إسقطت أي معادلة حولها فصعودها يعني سقوط أي مشروع إقليمي برمته أنها سردية لشعب أختاره الله لتلك الأرض

أما دول الطوق الأردن ومصر فهما يواجهان تحديات ليست آنية بل وجودية وسط أمن حدودي مهدد من الجنوب والشرق وضغوط اقتصادية مرتبطة بترتيبات دولية أكبر من طاقتهما وأدوار محورية يحاول الكيان الإسرائيلي ومعه بعض القوى الدولية إعادة تعريفها على حساب سيادتهما في المقابل تعمل دول الخليج على إدارة مرحلة إنتقالية دقيقة هدفها الحفاظ على تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، وفتح مساحات مع الصين وروسيا مع إدراك أن أمن الطاقة لم يعد ضمانة بحد ذاته بل ورقة إبتزاز دائم سلاح أساء أصحابة طريقة إستخدامه.

صعود القوى الإقليمية تركيا وإيران ليستا مجرد لاعبين طارئين فهما حقيقة تاريخية وجغرافية في المنطقة كلاهما يسعى لتثبيت مشروع خارج حدوده الجغرافية تركيا تستخدم الإقتصاد والدبلوماسية الناعمة بوابة الدخول والحضور مدعومة بقدرة عسكرية متنامية فيما تعتمد إيران على أدوات النفوذ غير المباشر من خلال وكلاء مسلحين يغيرون موازين القوى في أكثر من ساحة هذا المشهد لا يمكن فصله عن التحولات في النظام الدولي أهمها إنحسار الهيمنة الأمريكية المطلقة وصعود تعددية قطبية تبحث عن إستقرار جديد. هذه الأرضية هي المرآة الأكثر وضوحا لهذا الإنتقال ومجريات الاحداث سرعت بذاك الإنتقال .

أما الشعوب فهم الفاعل الصامت أنه العامل الأكثر إغفالا في التحليلات هو الشعوب العربية ذاتها فالأنظمة قد تتبدل والتحالفات قد تتغير لكن الإرادة الشعبية تبقى هي المولد الحقيقي لأي تحول تاريخي من ثورات الربيع العربي إلى المقاومة الفلسطينية هناك خط متصل يؤكد أن هذه الأرض لا تستسلم بسهولة لمعادلات الخارج وأن كل مشروع يتجاوز الإنسان العربي مصيره التآكل فالقوي من إستثمر بالإنسان ....

نحن نسير نحو أمر عظيم إنها الأسئلة المطروحة اليوم التي تتجاوز شكل النظام السياسي أو موازين القوى العسكرية لتصل بنا إلى أننا على أعتاب نظام إقليمي جديد يتشكل على أنقاض سايكس-بيكو القديمة أم أن هذه الأرض ستتحول إلى مسرح حرب كبرى تعيد رسم الحدود بالقوة أم أننا أمام فرصة لولادة مشروع عربي جامع يفرض نفسه في لحظة الإنكسار العالمي أسئلة تحتمل جميع الإجابات ولكن السؤال أين نحن !!!

ختاما هذه الأرض تتهيأ لأمر عظيم ليس لأنه مكتوب في خرائط القوى الكبرى فقط بل لأن التاريخ يعلمنا أن كل دورة إنهيار تتبعها دورة نهضة السؤال الحاسم ليس ما الذي سيحدث بل هل العرب مستعدون لإقتناص اللحظة وتحويلها إلى مشروع سيادة وحرية أم أن "الأمر العظيم" سيكون على حسابهم مرة أخرى !!!



عدد المشاهدات : (4665)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :