مختصون يؤكدون ضرورة زيادة الوعي المجتمعي بأهمية الاقتصاد الأخضر


رم - أكد مختصون في قطاع الاقتصاد الأخضر، الحاجة إلى زيادة الوعي المجتمعي بأهمية هذا القطاع للوصول لمستوى عال من الاقتصاد الأخضر، لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحماية البيئية واستفادة جميع القطاعات الحيوية.

وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن النمو الأخضر خاصة في إطار رؤية التحديث الاقتصادي، يشكل القاعدة الأساسية التي تدمج بين الاستدامة البيئية والتنمية الشاملة ويهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام يحافظ على الموارد للأجيال المقبلة ويسهم بتحسين نوعية الحياة من خلال بيئة صحية وآمنة وتحويل التحديات البيئية إلى فرص اقتصادية جديدة تعزز القدرة التنافسية وتضمن منعة الاقتصاد الأردني.

وأكدوا أن الطاقة الخضراء تحتاج إلى كلف عالية، ما يتطلب ضرورة تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص لتمويل المشروعات المستدامة، مشيرين إلى ضرورة نشر الوعي البيئي بين المواطنين والتشاور المستمر بين الأطراف ذات العلاقة لخلق ثقافة مستدامة.

وقال رئيس مجلس إدارة شركة الكهرباء الوطنية، المهندس عمر الكردي، إن الطاقة الخضراء " المصادر النظيفة" تمثل مطلبا للجميع من أجل حياة أفضل وبيئة نقية وإنتاج مستدام، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلا أنها تتطلب الكثير من التكاليف كما أننا نحتاج الى بدائل يمكن الاعتماد عليها على مدار الساعة وفي جميع الفصول صيفا وشتاء نهارا وليلا، لضمان استمرار التزويد واستقرار الشبكة الكهربائية.

وأشار الى أن تقنيات البطاريات والتخزين تساعد على جعل الطاقة النظيفة طاقة لها صفات الديمومة وتوفير الاستقرارية للشبكة، ولكنها لا تزال في مرحلة التطور وتعتمد على مواد وعناصر محدودة ونادرة في الأرض وتكلفة استخراجها عالية وليست رفيقة للبيئة، الأمر الذي يتطلب توفر مواد بشكل مستمر يمكن استغلالها لبناء بطاريات بتكاليف اقتصادية تسهم بتخفيض كلف الطاقة وإنتاجها.



من جهته، قال رئيس لجنة البيئة والمناخ في مجلس النواب الدكتور حمزة الحوامدة، إن موضوع الاقتصاد الأخضر يتطلب وضع تشريعات وسياسات بيئية داعمة تشجع على الاستثمار المستدام، لافتا إلى أن الاستراتيجية الوطنية تدعم التحول نحو الطاقة المتجددة وصولا إلى الاعتماد على الوقود الأحفوري.

وأشار إلى أن الاقتصاد الأخضر يتطلب النهج السليم والحاجة إلى إدارة الموارد الطبيعية بكفاءة للحد من الهدر والتلوث الموجود، فالتقارير الدولية أشارت إلى أن الأردن يؤثر بالتلوث بنسبة 6/10000 وهي نسبة ضئيلة جدا، وأن هناك أثرا على الأردن نتيجة التلوث سواء بمخزون الماء أو نسبة الهطول وتغير خصائص التربة، مؤكدا ضرورة إحداث تطوير داعم للتكنولوجيا النظيفة الخضراء من خلال التواصل مع الجامعات ومراكز البحوث العلمية وصولا إلى مرحلة الابتكار لغايات بناء القدرات البشرية من خلال التدريب على المهارات الخضراء.

وأوضح الحوامدة، الحاجة إلى شراكات بين القطاع العام والخاص والمنظمات الدولية لتمويل المشروعات المستدامة بسبب كلفها العالية، مشيرا الى ضرورة أن تحاكي القوانين والتشريعات الناظمة والتعليمات توصيات الأمم المتحدة في قطاع الاقتصاد الأخضر ونتائج مؤتمر الأطراف (كوب)، إضافة إلى تعزيز الوعي المجتمعي من خلال مؤسسات التعليم العالي والمنظمات المجتمعية بأهمية ضبط الاستهلاك لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحماية البيئية وتحقيق الفائدة على جميع القطاعات الحيوية التي يتوسطها ملف البيئة والمناخ والاقتصاد والاقتصاد الأخضر.

وأضاف، إن فوائد التحول إلى الاقتصاد الاخضر تتمثل بتقليل التلوث والانبعاث واستدامة الموارد الطبيعية والإسهام الحقيقي في فرص عمل جديدة وتغيير هوية الوظائف بما يتحاكى مع اقتصاد أخضر وإعادة التدوير والزراعة المستدامة، والذي يسمى بـ"مدعمات النمو الاقتصادي" وتعزيز الأمن الغذائي والمائي من خلال إدارة أفضل التقنيات الحقيقية لتخفيض الكلف المتعلقة بالصحة العامة الناتجة عن التلوث والأمن المائي والغذائي، فهناك استخدام تكنولوجي يخفف من هذا الانفاق ويضمن صحة المواطن.

وأكد الحوامدة أن الأردن اتخذ أكثر من خطوة للتقدم في تبني الاقتصاد الاخضر، أبرزها اطلاق الاستراتيجية الوطنية للنمو الأخضر التي تحددت أولوياتها في القطاعات المستدامة كالطاقة والمياه والنقل، ما قد يسهم بتوسيع استثمار الطاقة المتجددة كالرياح والشمسية لتقليل الاعتماد على الوقود المستورد، كما ركزت أيضا في جوانبها على تحسين إدارة المياه من خلال مشاريع البنية التحتية وإعادة الاستخدام، وتعزيز وسائل النقل المستدام لتطوير وسائل صديقة للبيئة.

بدوره، أكد عميد كلية الأعمال السابق في الجامعة الأردنية الدكتور رائد بني ياسين، أن الاقتصاد الأخضر يمثل تحولا عن النموذج الاقتصادي التقليدي الذي يعطي الأولوية للربح ونمو الناتج المحلي الإجمالي على حساب البيئة ورفاهية الإنسان ويرتكز على فكرة أن الاقتصاد والبيئة يعزز أحدهما الآخر ويعزز النمو الاقتصادي مع ضمان الاستدامة البيئية والعدالة الاجتماعية وكفاءة استخدام الموارد من خلال تقليل المخاطر البيئية والتشجيع على الممارسات منخفضة الكربون والتلوث والموفرة للموارد ودعم سبل العيش والرفاهية الاجتماعية.

وقال إن الوصول لمستوى عال من الاقتصاد الأخضر يتطلب جود سياسات وتعليمات ناظمة وحوافز للممارسات المستدامة وتقنيات خضراء في الطاقة المتجددة والاقتصاد الدائري في إعادة التدوير وبنى تحتية مستدامة من وسائل نقل صديقة للبيئة ومبان موفرة للطاقة وأنظمة ذكية وخوادم موفرة للطاقة ومحاكاة افتراضية وحوسبة سحابية وبرامج توعية وتثقيف للمحافظة على البيئة.

وأشار بني ياسين إلى أن مفهوم الاقتصاد الأخضر يتمحور حول الاستفادة من الأنظمة الرقمية والبيانات والتكنولوجيا لتعزيز الاستدامة والحد من الأثر البيئي وتحسين كفاءة المؤسسات، وذلك من خلال دعم القرارات التي تقلل من الأثر البيئي وإدارة سلاسل التوريد الخضراء والبنى التحتية الذكية وإنترنت الأشياء والشبكات الذكية ورصد استخدام الطاقة والانبعاثات والنفايات لتحسين كفاءة استخدام الطاقة في المباني والمصانع واستخدام أنظمة إدارة المستندات وعمليات التدقيق البيئي.

من جانبه، قال مدير عام غرفة صناعة عمان الدكتور نائل الحسامي، إن الأردن يعد احدى قصص النجاح في التحول الطاقي والتحول نحو الاقتصاد الاخضر، فهو يعد ثاني دولة عالميا بنسبة المبيعات للسيارات الكهربائية، ما يعني تخفيضا كبيرا في كميات انبعاثات الكربون، حيث أن 12 بالمئة من سيارات الأردن سيارات كهربائية و50 بالمئة منها هجين أو هايبرد.

وأشار إلى أن مساهمة الطاقة المتجددة في الكهرباء تصل إلى 30 بالمئة بالاعتماد على طاقة الرياح والألواح الشمسية، مؤكدا أن هذه الأرقام تدل على التحول الطاقي الكبير.

وعلى المستوى الصناعي، أشار الحسامي إلى أن هناك قوى عاملة أردنية تعتمد كلها على التدوير، ففي صناعة الحديد هناك أكثر من 15 ألف طن يتم اعادة تدويرها وتصنيعها وإعادة استخدامها في البناء، وكذلك صناعة المعادن الأخرى كالالمنيوم والنحاس وصناعة الكرتون.

وفيما يتعلق بالاقتصاد الدائري، الذي يعنى بإعادة استخدام السلع، أي إصلاحها عند الخراب، بين أن الهواتف الخلوية في الأردن أغلبها يعاد تصليحها واستخدامها وهذا شيء يفتقده العالم المتقدم، فالأردن قصة نجاح بالاقتصاد الدائري فنادرا ما نسمع أنه تم التخلص من الاجهزة الكهربائية في النفايات، فورش التصليح منتشرة في جميع أحياء المملكة ليتم إصلاحها مرة أخرى.

من ناحيته، أكد رئيس جمعية وادي لتنمية النظم البيئية المستدامة محمد عصفور، أن النمو الأخضر خاصة في إطار رؤية التحديث الاقتصادي يشكل القاعدة الأساسية التي تدمج بين الاستدامة البيئية والتنمية الشاملة فالرؤية تسعى إلى تبني مصادر الطاقة المتجددة وتشجيع الاقتصاد الدائري والاقتصاد الأزرق وخفض الانبعاثات ونشر الوعي البيئي وتسهيل الاستثمارات الخضراء، لضمان مستقبل مستدام ومرن لوطننا العزيز.

وأشار إلى أهمية تعزيز مصادر الطاقة المتجددة لزيادة الاعتماد عليها وتقليل الاعتماد على المصادر الأولية الأخرى، إلى جانب تحسين كفاءة استخدام الطاقة في جميع القطاعات بما يحد من الهدر ويخفض الكلف ويعزز أمننا الطاقي، وخفض الانبعاثات الكربونية من خلال التحول نحو حلول صناعية ونقل وتوزيع أكثر استدامة، وتطوير الاقتصاد الدائري لتعظيم قيمة الموارد وتقليل المخلفات، اضافة الى دور "الاقتصاد الأزرق" في تعزيز النمو الاقتصادي في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.

--(بترا)



عدد المشاهدات : (4187)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :