رم - كشفت ورقة سياسات للباحثة الفلسطينية شيماء بسام أبو سعدة صدرت عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات تحت عنوان "استهداف النظام الصحي في قطاع غزة: تداعيات الإبادة والحاجة إلى استجابة دولية عاجلة"، عن حجم الانهيار الكارثي الذي يشهده النظام الصحي في قطاع غزة، نتيجة ما وصفته بـ"حرب الإبادة المستمرة والحصار المشدد" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأكّدت الورقة أنّ الاحتلال الإسرائيلي ينفّذ سياسة ممنهجة تستهدف تدمير البنية الصحية في القطاع، من خلال الاستهداف المباشر للمستشفيات وسيارات الإسعاف، واعتقال الأطباء والممرضين، وفرض الحصار ومنع دخول الأدوية الأساسية، وحرمان المرضى من السفر لتلقي العلاج، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، وتهديد مباشر للحق في الحياة والعلاج.
ووفقاً للإحصاءات الواردة في الورقة، تمّ تسجيل 697 هجوماً إسرائيلياً على مرافق الرعاية الصحية في القطاع منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وحتى أيار/ مايو 2025، فيما تجاوز عدد الشهداء 62 ألف شهيد حتى آب/ أغسطس 2025، بينهم أكثر من 1,590 من الكوادر الطبية، وسط تراجع القدرة التشغيلية في بعض المستشفيات إلى أقل من 20% مثل مجمّع الشفاء الطبي.
وحذّرت الورقة من أنّ النظام الصحي في قطاع غزة بات على أعتاب "إبادة صحية واسعة النطاق"، مع وجود أكثر من 300 ألف مريض بأمراض مزمنة (مثل السرطان، والكلى، والسكري) مهدَّدين بالموت بسبب انقطاع الدواء وإغلاق المعابر. في حين ينتظر 16 ألف مريض الحصول على تحويلات للعلاج خارج القطاع، توفي منهم 633 قبل صدور الموافقة. كما أشارت الورقة إلى انتشار واسع للأمراض المُعدية، بمتوسط أسبوعي بلغ 10,300 حالة إصابة، مع تسجيل 9,915 حالة خلال الفترة من 4 إلى 10 آب/ أغسطس 2025.
وطرحت الورقة ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل النظام الصحي في القطاع، تُظهر جميعها أنّ مستقبل النظام الصحي في قطاع غزة مرهون بمدى احترام الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي الإنساني، وتدخّل المجتمع الدولي لضمان إيصال المساعدات، وحماية المنشآت الصحية والكوادر الطبية، وإعادة تأهيل البنية التحتية المدمرة، وإلا ستستمر كارثة الإبادة الصحية في التفاقم بلا توقف.
كما استعرضت الورقة مجموعة من البدائل السياسية والاستراتيجية القابلة للتنفيذ للحدّ من تفاقم الأزمة، وتتوزّع بين تحركات إنسانية عاجلة، وخطوات قانونية دولية، ومسارات ديبلوماسية، ومن أبرزها تفعيل قنوات إنسانية دولية لضمان وصول الأدوية والمعدات الطبية، والضغط الدولي لإعلان غزة منطقة كوارث صحية وإنسانية، وتدويل قضية استهداف القطاع الصحي كجريمة إبادة أمام المحاكم الدولية. ورجّحت الورقة أنّ البديل الأول هو البديل الأكثر واقعية في الوقت الراهن، نظراً لكونه حلّاً سريعاً ومباشراً يمكن البدء بتنفيذه فوراً، بعيداً عن التعقيدات السياسية والقانونية. كما أنّه يُمثّل الخيار المتاح حالياً لإنقاذ الأرواح والحدّ من الانهيار الكامل للمنظومة الصحية في قطاع غزة.
وقدمت الورقة مجموعة من التوصيات، دعت من خلالها إلى تعزيز صمود النظام الصحي في قطاع غزة، وتقديم دعم نفسي ومادي مستدام للطواقم الطبية، وضمان بيئة عمل آمنة لهم. كما أوصت صنّاع القرار المحليين والدوليين، إلى جانب المنظمات الحقوقية، بإرسال بعثات طبية دولية إلى القطاع لتقديم الدعم، وتقييم الأوضاع الصحية، وتأمين المستلزمات الطبية العاجلة.
ودعت الورقة إلى تصنيف قطاع غزة كمنطقة كوارث صحية وإنسانية من قِبل الأمم المتحدة، وتفعيل ممرات إنسانية آمنة بإشراف منظمات مختصة لضمان وصول المساعدات. وشدّدت التوصيات على ضرورة ممارسة ضغط سياسي وقانوني لإنهاء الحصار وفتح المعابر، ومنع استهداف المنشآت الصحية، وضمان حرية حركة المرضى لتلقّي العلاج خارج القطاع. كما اقترحت الورقة تشكيل لجنة تحقيق دولية لجمع الأدلة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي لعرضها أمام المحكمة الجنائية الدولية، إلى جانب إطلاق حملات إعلامية عالمية لكشف جرائم الاحتلال.
رابط المادة النصيّة للورقة للاستفادة منها في إعداد خبر حولها؛ أو لإعادة نشر الورقة بصيغة PDF:
https://www.alzaytouna.net/arabic/data/attachments/Media/PA_ShaimaAbuSadah_TargHealthSystem-GS_9-25.docx