رم - أمريكا تلك الدولة المارقة التي قامت على أنقاض وأشلاء السكان الأصليين (( الهنود الحمر )) لم ولن تكن سوى دولة إستعمار حيث إستغلت الحرب العالمية الثانية وإنتصار الحلفاء لتتسيد الشرعية الدولية (( الأمم المتحدة)) ومنحت لنفسها ثباتا شرعيا بحق النقض (( الفيتو)) لتلوح به ضد أي دولة ترغب بالتحرر ، وترغب في إمتلاك سيادتها وضد الشعوب المضطهدة من قبل أي دولة إستعمارية وذلك من أجل إمتلاك النفوذ ومن أجل بقائها كقطب أوحد خاصة بعد إنهيار المعسكر الإشتراكي وتفكيك الإتحاد السوفياتي، الذي حافظ على توازن القوى زمنا طويلا وبعد أن أنهكت الدول الاشتراكية بحروب طويلة الأمد وتم تفكيكها لتصبح دويلات كما فعلت بيوغسلافيا سابقا، بل إمتد هذا النهج ليصل إلى روسيا التي حاولت إستعادة قوتها وقطبيتها، حيث أنهكتها بحرب أوكرانيا أولا وإلى جانبها الدول الاوروبية بالاضافة إلى هدف إستراتيجي رأسمالي وهو إمتلاك ثروة إقتصادية عالمية (( الغاز الروسي )) لضمان أن تبقى القوة الوحيدة التي تتسيد العالم، وماحدث في سوريا أيضا من أجل النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط بالاضافة إلى انهاء الدور الإيراني كداعم لمحور المقاومة حيث إنتهى هذا النفوذ بالمنطقة، وتعدى ذلك حيث أن السياسة الامريكية تجاه أي قوة صاعدة كالصين واليابان حيث يشكلان خطرا آخر في وجه النفوذ الأمريكي فهي تحارب أي دولة وأي شعب يرغب بالتحرر من التبعية السياسية والإقتصادية وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، حيث زرع الإستعمار (( الكيان الصهيوني)) في قلب الشرق الأوسط ليصبح ذراعا إستعماريا وسرطانا يلتهم الدول العربية شبرا شبرا، وليس هذا فحسب بل تسعى جاهدة لمحاربة أي قوة من الممكن أن تصبح قطبا آخر في ميزان القوى العالمي كما فعلت مع إيران حيث تحارب برنامجها النووي الذي يمنحها القوة وكلاعب في منطقة الشرق الأوسط وخاصة إنها أكبر قوة في محور المقاومة؛ بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد على ((اللوبي الصهيوني)) الذي يتحكم بالانتخابات الأمريكية ويحدد من هو الحزب الذي يصل إلى البيت الأبيض سواء كان حزبا جمهوريا أو ديمقراطيا فكلاهما يعتمد على رأس المال الذي يمتلكة هذا اللوبي وهو الذي جعل الولايات المتحدة تتسيد العالم، وتصبح دولة رأسمالية إستعمارية تتحكم بالعالم أجمع ولا تهتم سوى بمصالحها السياسية والرأسمالية.
من هنا فإن تحالفاتها في الشرق الأوسط مبنية على هذا الأساس ولن تتوانى بالتضحية بتحالفاتها بالشرق الأوسط من أجل الحليف الإستراتيجي المدلل والتي لاتستغني عن وجوده، وماحدث في قطر خير دليل على أنها تضحي بالحليف القطري الذي زرعت بداخله أكبر قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط وليس فقط بمنطقة الخليج العربي أكبر داعم لها إقتصاديا وسياسيا.
من هنا لابد من الإدراك أن الحليف الاستراتيجي يمكن أن يصبح عدوا في مرحلة ما خاصة إذا لم يستجب للأوامر الأمريكية وإتباع نهجها في الحفاظ على بقائها القطب الأوحد في العالم ، وللأسف لم تدرك ذلك الامة العربية التي تشبثت وراهنت على الحليف الأمريكي، حيث أضاعت الفرصة الذهبية لتغيير التحالف والإتجاه شرقا نحو إيران أو الإتجاه نحو القوى الصاعدة الأخرى كالصين وكذلك لم تدعم روسيا وبقيت متمسكة بالثوب الأمريكي الذي يخفي بداخله ثعبانا وسرطانا يسعى إلى إبتلاع الشرق الأوسط وأستكمال مشروعه الاحتلالي التوسعي، وخاصة أن الأمة العربية لاتمتلك مشروعا عروبيا نهضويا بل بقيت أمة متشرذمة لاتمتلك سيادتها على أراضيها واقتصادها يعتمد كليا على التبعية لصندوق النقد والبنك الدوليين الذي يسيطر عليه اللوبي الصهيوني.
لقد ثبت بما يدعو للشك أن التحالف مع الوبايات المتحدة هش وضعيف حيث أن التمسك بهذا الخيار لن يجلب للامة سوى المزيد من التنازلات والهزائم وان المستفيد من هذا الخيار فقط هو عدو الامة(( الكيان الصهيوني)) والمشروع الصهيو أمريكي الذي يغير خارطة منطقة الشرق الأوسط وسيبتلع الدول العربية واحدة تلو الأخرى ولن تجني هذة الامة سوى جملة(( لاحول ولاقوة إلا بالله وبه نستعين)) إن لم ننهض من كبوتنا وسباتنا ونستعيد وعينا بأن نقرأ التاريخ جيدا، فالدروس كثيرة ولكننا مازلنا نتشبث بالثوب الأمريكي كالأطفال الذين يبحثون عن الرعاية والحنان من أفعى تدس السن لنا في كل مكان،فهل تصحو ونبدأ مرخلة تضامن عربية ونشهد بداية لمشروع عربي نهضوي يحقق لنا وجودا حقيقيا!!!
بقلم الناشطة السياسية : باسمة راجي غرايبة