رم - في ظل المتغيرات الاجتماعية والتربوية المتسارعة، آن الأوان لإعادة النظر في المسمى التقليدي لوزارة "التربية والتعليم" في الأردن، والذي لم يعد يعكس بدقة الدور الحقيقي للوزارة في الوقت الراهن. فالتربية، كممارسة وسلوك، أصبحت اليوم مسؤولية الأسرة أولًا، والمجتمع ثانيًا، بينما باتت المدرسة تركز أكثر على بناء الفكر، وتنمية القدرات، وتعزيز الوعي.
من هذا المنطلق، يُقترح تعديل التسمية إلى وزارة تنمية وتطوير الفكر البشري.وهو مسمى يُواكب روح العصر، ويُعبّر عن الوظيفة الجوهرية للوزارة في بناء الإنسان الأردني فكريًا، معرفيًا، وقيميًا. "الفكر البشري" في هذا السياق لا يعني التعليم الأكاديمي فقط، بل يشمل تعزيز القيم، مهارات الحياة، الذكاء العاطفي، والانفتاح الثقافي، وهي جميعها ضرورات لبناء جيل واعٍ ومسؤول.
وإذا أردنا نموذجًا وطنيًا ناجحًا يُحتذى به في هذا المجال، فإن القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي ، تمثل أنموذجًا متقدمًا. فقد نجحت في تأسيس مدارس الثقافة العسكرية التي لا تقتصر على التعليم، بل تغرس الانضباط، وتعزز قيم الوطنية، وتُنشئ أجيالًا متوازنة بين الفكر والسلوك.
تجربة الجيش العربي تُثبت أن التعليم الحقيقي لا ينفصل عن بناء الشخصية، وأن تنمية الفكر تبدأ من غرس القيم قبل المعلومات. لذا، فإن تبنّي هذا المسمى الجديد سيكون خطوة رمزية وعملية تعكس الرؤية المستقبلية للتعليم في الأردن.
وفي النهاية : وزارة "تنمية وتطوير الفكر البشري" ليست فقط تغييرًا في الاسم، بل دعوة لإعادة صياغة دور المدرسة والمعلم والمناهج، لبناء إنسان أردنيّ يليق بوطنه، ويقود مستقبله بحكمة.
الدكتور مفلح الزيدانين
متخصص في التخطيط الاستراتيجي وإدارة الموارد البشرية