رم - د. عزت جرادات
*ازداد استخدام الشرق الأوسط الجديد في مختلف المواقف السياسية والتعليقات في الحوارات الإعلامية حتى أصبح يميل للمستمع أو القارئ أنه ثمة كيانا إقليميا سيولد أو ترسم في المنطقة، مثلما رُسم مشروع سايكس –بيكو خطوطا على الرمال، ثم أصبح متجذراً جغرافياً؛ إلاّ أن ما يسمى الشرق الأوسط الجديد لن يكون له وجود جيوسياسي.
*نشأة الفكرة، عندما نشر (بارنادو لويس) منذ عقود مقالة في (مجلة الشؤون الدولية) وعززها بخريطة للمنطقة المعروفة حالياً (بغرب آسيا وشمال افريقيا) واشتملت الخارطة على أكثر من ثلاثين كياناً على أسس دينية ومذهبية وعرقية وغير ذلك فأشعل بذلك المشاعر الكامنة لتلك الفئات التي كانت تعيش متآلفة مع بعضها البعض ليكون لها كيانات مستقلة.
* وفي أواخر القرن الماضي، نشر (شيمون بيريز) كتابه بعنوان (الشرق الأوسط الجديد) أوضح فيه أن التغيير في المنطقة ليس بالضرورة أن يكون (جيوسياسياً)؛ أنما يتم من خلال مساريْن:
الأول: اختراق المنطقة من خلال النشاط الاقتصادي بالتوازن والتوازي مع دعم سياسي أمريكي.
الثاني: اختراق نظم التعليم في المنطقة وتنقيتها من خطاب الكراهية بين الشعوب من خلال المناهج المقررة في مختلف دول المنطقة وقد استغل التحالف الصهيوني الأمريكي هذا المسار تحديداً بهدف تشويه المناهج في كل بلد ليكون ذلك طريقاً ميسوراً لدمج إسرائيل في المنطقة، ثقافياً وتربوياً واقتصاديا، وربما سياسياً.
*أما الحقائق والمعطيات على أرض الواقع فهي مختلفة مع هذه الرؤية الاستعمارية، فالدول في المنطقة، كما في العالم، تعتبر المناهج التربوية من أعمال السيادة الوطنية الرافضة لأي تدخل أجنبي فيها.
وأما المسار الاقتصادي المدعوم بدور سياسي أمريكي، فلح يُعدْ مساراً مقبولاً لدى شعوب المنطقة وهي ترى الصورة البشعة للتحالف الأمريكي- الإسرائيلي وأما المستقبل السياسي للمنطقة فهو قدرة دول المنطقة في البقاء، كيانات سياسية تحافظ على وجودها بمختلف الوسائل المتاحة لها ولعل من أهم تلك الوسائل هو وجود تحالفات أو محاور سياسية –اقتصادية قد تًضع في المنطقة ويظل هدفها الرئيسي هو السعي لاندماج إسرائيل في المنطقة، والتي أصبحت مرفوضة ومعزولة دولياً.
*ولذا، فأن ما يُسمى (الشرق الأوسط الجديد) أصبح –شعاراً بلا مضمون.