رم - الجمال علم، وهناك علم ارتبط به هو علم نفس الموضة! لماذا يقبل شخص على الموضة؟وكيف تعكس الموضة هُوية متابعيها؟ وما انعكاساتها النفسية، والاجتماعية، والاقتصادية على الأفراد، والمجتمع؟ ما كلفة الموضة؟ ومن هم العاملون بها؟
فالموضة موجودة في السياسة، وفي الإعلام، وفي التسويق والاستثمار؛ فالابتكار موضة، والإبداع نزوع راقٍ إلى الموضة، والتجديد والإصلاح في كل مجال هو موضة! فالموضة حداثة!
(١)
لماذا الموضة؟
في علم الجمال وضع الفلاسفة معايير للعمل الجميل هي: التباين، والانسجام، والوضوح، والبهاء، والاكتمال! فإذا تحققت هذه المعايير في لوحة ما، شخص، قصيدة، لباس، مسرحية….إلخ، فإنه يكون جميلًا. لكن هل يستقر الجمال فترة طويلة أم يتغير ألإحساس به؟
اللوحة تبقى، والقصيدة تبقى، فلماذا تتغير معايير الشكل واللباس؟ ولماذا يتابع الناس الموضة؟
طبعًا، هناك عوامل ومتغيرات، تجعل الذوق مختلفًا بين فترة وأخرى. فاللباس لا يبقى جميلًا! والمظهر لا يبقى جميلًا، ذلك أن التنوع مفقود، وعناصر الانسجام فيه تبدو عشوائية بعد فترة. ومن هنا تنشأ الحاجة إلى الموضة.
وفي الحياة، أليس تعديل الحكومة أو تغييرها موضة؟
وهل تجد وضوحًا في السياسة؟
أو حتى تباينًا أو انسجامًا؟ فما بالك بالبهاء؟
(٢)
العاملون في الموضة
يقال: إن مِهْنيين عديدين يعملون في الموضة، مثل المهندسين الصناعيين، والمصمّمين، وعلماء النفس، والرسامين، والخياطين، والمختصين في دراسات الرأي العام، ومختصر الإعلام والإعلان والتسويق، إضافة إلى بيئيين، وباحثين في التاريخ والجغرافيا والمناخ، وآخرين عديدين. بل يقال: إن امرأة تستعد لسهرة رسمية تستهلك جهود عشرات من هؤلاء، في ساعات عمل طويلة لكي تظهر بمظهر أنيق!
فالموضة نشاط فني اجتماعي، نفسي، اقتصادي شامل. وفي كل مجال فنانون من مختلف المهن!
(٣)
سيكولوجية الموضة
الثبات عدوّ الموضة، والموضة عدوّ الثبات. فالموضة تغير مستمر وحركة وتجديد، والثبات جمود، ولذلك تبقى الموضة حداثة، وما قبل الموضة هو ما قبل الحداثة.
ماذا تقدم الموضة للإنسان؟
الموضة تعكس لغة الجسد، ولغة الجسد تعكس هُوية الشخص. إن لباس سيدة، أو مدخل منزلها، أم شكل المطبخ في بيتها، وأثاث منزلها، وتصفيف شعرها، يعكس معظم ملامح هُويتها الشخصية. فلغة الجسد هوية. وكأي هوية،لا بدّ من تجديدها، وإبعادها عن الرتابة.
فالشخص يحب التنوع في الوحدة، ولذلك لا بد من السعي لتغيير المظهر، والبحث عن مظهر جديد يظهر لابس الموضة إنسانًا جديدًا. فهو كثرة في واحد، بعكس الشخص التقليدي الذي يظهر هوية ثابتة قد تبدو مضحكة! فالموضة تشمل كل عناصر الجمال: التباين، والانسجام، والوضوح، والبهاء والكمال.
فالموضة تعطي ثقة بالنفس واعتزازًا وزهُوًا، وأناقة، وهذا يجعل من يتابعها أكثر انسجامًا مع الذات، وأقل توترًا. ألا ترى كيف يطرب المواطن والسياسي المبعد عند كل موضة في السياسة والحكومة؟
(٤)
انعكاسات سلبية
الإسراف في الموضة يقود للتنبيه من تبعات سلبية واضحة؛ فالموضة استهلاك مفرط للأدوات، والمواد، والمال، والجهد.
كما أنها تعمق الفروق الاجتماعية والثقافية بين فئات المجتمع؛ فالملابس الحديثة غالية الثمن، وقليلة الاستخدام، وسريعة العطب، فلكل فصل موضة، ولكل مناسبة موضة، وهناك موضات لملابس العمل، وملابس السوق، وملابس الليل، وملابس المناسبات، وهكذا تسهم الموضة في سلوك استثماري سيكولوجي على حساب السلوك الاستهلاكي الواضح، وإنّ اللهاث وراء الموضة يرهق الأغنياء، والفقراء معًا.
فالفقراء يقلدون الأغنياء. وهذا ما جعل أفكارًا تنادي بملابس موحدة لفئات كالطلبة، والمعلمين، وغيرهم.
(٥)
الملابس الموحدة: هل هي خير؟
قد يبدو فرض ملابس موحدة أمرا عادلا، وديموقراطيّا؛ لكن هل
يجوز فرض توحيد الملابس على أشخاص متباينين في أشكالهم، وألوانهم، وأطوالهم، وأذواقهم؟
إن توحيد اللباس رغم التباينات يبدو أمرًا مضحكًا؛ فالألوان والتصميم الموحّد، والشكل الموحد هو ضد قانون الاختلاف! وهذا ما يبدو أيضًا في جميع مجالات الحياة. فما بالك بحكومة من لون واحد!!
فالحرية مع الموضة، وضد اللباس الموحّد!
(٦)
للموضة عمر قصير!
يقال حسب قانون الحياة: البقاء للأصلح! فلماذا تتغير الموضة، بل تزول بسرعة؟
علّق أحدهم: الموضة تزول لأنها قبيحة، ولو كانت جميلة لاستمرت!
ولذلك تتغير الأذواق، وتتغير الحكومات، ويجب أن يتغيّر بعض المسؤولين وفق قانون الجمال والقبح!!
فهمت عليّ؟؟!!