الطراونة يحرج الصفدي ويسحب من رصيده .. !


رم - يواجه حزب الميثاق الوطني اليوم، تحدياً صعباً في إعادة حضوره للساحة السياسية والقاعدة النخبوية، بعد أن كان من أبرز الأحزاب الجديدة التي نشطت قبيل الانتخابات النيابية الأخيرة، لكن منسوب تواجده الحزبي على الأرض، انخفض لاحقاً بشكل ملموس ولافت.

الحزب، الذي شهد حراكاً لافتاً، بجهود نخبوية، ودعم لوجستي من الدولة، قبيل الاستحقاق النيابي، عقد لقاءات، ونظّم اجتماعات، وتقدم بقوائم مرشحين تضمّنت نسباً مرتفعة من الشباب والنساء، ضمن برنامج انتخابي ركّز على الإصلاح الاقتصادي وتمكين الفئات المجتمعية، الا أن زخم الحزب، سرعان ما خفت واضمحل بعد الانتخابات، ليظهر اليوم كأنه غائب عن المشهد، مكتفياً بتمثيله البرلماني الخجول، ما ترك انطباعات بأن الغاية من العمل الحزبي عموماً – الميثاق وأحزاب أخرى – كانت إيصال أسماء بعينها تحت القبة، وكفى الله المؤمنين بعدها القتال!

في تشرين الثاني 2024، انتُخب الوزير الأسبق أحمد الهناندة أميناً عاماً للحزب خلفاً لمحمد المومني الذي يقود وزارة الاتصال اليوم بكفاءة وجدارة، وسط دعوات لإعادة تنظيم الصفوف، ووضع خطط جديدة للمرحلة المقبلة، غير أنه لم يتمكن حتى اللحظة من تحريك حالة السكون التي اعترته، أو تقديم قيادات مؤثرة، قادرة على الحضور الجماهيري والإعلامي.

على المستوى النيابي، انخرطت كتلة الميثاق بتحالفات مع كتل أخرى مثل "تقدم" وكتلة اتحاد الأحزاب الوسطية، في محاولة لتعزيز ثقلها البرلماني، لكن هذه التحالفات بطبيعة الحال، برغماتية صرفة، وتظل عالقة في مهب الريح، ما أن يقضي كل حزب وكتلة منها غايته ووطره!

في صيف 2025، دخل النائب إبراهيم الطراونة على الخط، وانتخب رئيساً لكتلة الميثاق النيابية خلفاً لمازن القاضي، ليبدأ مرحلة جديدة من إعادة الهيكلة الداخلية، فقد وضعت الكتلة خطة عمل تتضمن زيارات ميدانية ولجاناً متخصصة ومتابعة لالتزامات الحكومة، في مسعى لاستعادة دورها وحضورها.

غير أن بروز الطراونة كلاعب يسعى للحصول على قطعة من كعكة التأثير في مجلس النواب، أثار حالة من الاستقطاب داخل الكتلة، بل داخل البرلمان كله، سيما وأن الرجل طامح بالوصول إلى سدة البرلمان، وحمل إرث أخيه رئيس مجلس النواب الأسبق عاطف الطراونة، وهنا، تبرز المقاربات بين حضوره السياسي الصاعد الذي بدأ يسحب من رصيد رئيس مجلس النواب الحالي أحمد الصفدي بشكل لافت!

يرى متابعون أن الميثاق لم ينجح حتى الآن في ترسيخ نفسه كحزب جماهيري، بل ظهر كـ"حزب نخبوي مغلق" يفتقد للامتداد الشعبي، ويعتمد على "مظلة الدولة" أكثر مما يعتمد على ثقة الناس، فقد أخفق الحزب في استقطاب قاعدة اجتماعية شعبية واسعة، ما جعله أقرب إلى أداة انتخابية مؤقتة، تتحرك وفق حسابات برلمانية ضيقة، وتحالفات براغماتية متقلبة، وهو ما يضعه في مسار تراجعي قد يفقده أي دور مؤثر في الحياة السياسية مستقبلاً.

التحدي الأبرز أمام "الميثاق" يتمثل في تحويل برامجه الانتخابية وشعاراته حول تمكين الشباب والمرأة إلى ممارسة مستمرة على الأرض، كما يتمثل في قدرته الآنية والمستقبلية على استقطاب قواعد شعبية يفتقدها، ترسخ من حضوره السياسي الفعلي على الأرض، لا تحت القبة فقط، بعيداً عن الاكتفاء بظهور موسمي انتخابي، والانكفاء نحو "طبقة الكريما" وحدها!

يمكن القول إن الأيام المقبلة ستشهد توتراً متصاعداً داخل الحزب وكتلته البرلمانية، مع اقتراب اشتعال "خطوط التماس" الداخلية، حيث تصبح "شعرة معاوية" وحدها الفاصلة في تحديد زعامة البرلمان بين شخصيتين بارزتين: الصفدي والطراونة!



عدد المشاهدات : (4926)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :