خدمة العلم… ذكريات لا تنسى .. !


رم -

د. مفضي المومني.
بداية نعم لعودة خدمة العلم… وكنت كتبت كثيرا بضرورة عودتها… لأسباب نعرفها جميعاً.
وأخذتني الذاكرة…لأيام خدمة العلم... فكتبت:
تخرجت.. من الدراسة.. وعملت في كلية الهندسة التكنولوجية البوليتكنك ما يقارب الثلاث سنوات… وقبل العطلة الصيفية من عام 1985 قررت ان التحق بخدمة العلم لأكسب ثلاثة اشهر… بعد الإجراءات طلب منا الحضور لمكتب عجلون… وكان اول عمل الذهاب لاقرب حلاق والحلاقة على الصفر… لنتفادى حلاق الجيش..!
تمت الإجراءات وسلمت سيارتي لأخي… وقفزت على ظهر ( الكونتنتال.. واظن الغالبية تعرفها)… باتجاه مركز 91 او خو…
وكانت رحلة ثقيلة… لم نعتادها… ومع الوقت اصبح ركوب الكونتنتال ممارسة يومية… الفناها ونسينا سياراتنا المدنية.. في مركز التدريب كنت محظوظاً لانهم وزعوني على الكتيبة الثالثة.. وكان العسكر يسمونها الشميساني..! لان مبانيها وعنابر الافراد و (الميس.. اي المطعم ) مبنية بطراز حديث…
اول يوم استلمنا المدرب… واعطانا محاضرة عسكرية عالواقف… وقبل ان ينهي…نظر بعيداً… وقال شايفين رجم الحجار ( الي انا مش شايفه..!) على بعد اكثر من 2 كم... قلنا نعم… فقال ركض بتلفوا من وراه وبترجعوا… واللي بيتأخر سيعاقب.. انطلقنا… وكان شبابنا يسعفنا… ورجعنا… وتكررت الحكاية… بشكل دائم… وبمزاج المدرب… الاكل سلمونا (صحن مطلي سيراميك معروف لدى امهاتنا)… تذهب للميس في طابور… ونظام… والطاهي يضع فيه الكمية التي يراها مناسبة.. وبعد فترة تعودنا على اكل وخبز الجيش المعروف في حينه (بلوك )…وسلمونا الفوتيك والداخلي والبسطار ومستلزمات عسكرية.. وصندوق حديدي(خزانة العسكري).. انتظمنا في التدريب… من الفجر رياضه صباحية جري مع اغاني واهازيج( الله.. الملك.. الوطن… دعوة الحق لدينا… واحياناً سيارة الجيش بواقه بارض الخلا وقفت فيه… بنزين ما صيدها بنزين ..سواقها مخلف النية..)… وبعد الرياضه.. نعود لثكناتنا ونخرج بالبشكير ملفوفا على الرقبة… و(صحن المطلي)… وبعد الافطار…نذهب لغسل الصحون في مكان مخصص.. وكنا (احيانا نستخدم التراب للجلي مع قليل من الماء…) نعود لثكناتنا نجهز انفسنا للتدريب… في الميدان ..رياضه…مشاه.. حركات عسكرية… اسلحة… رماية… محاضرات توجيهية ومواعظ دينية.. برنامج كامل تتخلله استراحة قصيرة بعد الغداء…ويستمر التدريب والنشاطات والطوابير لقبل الغروب ووجبة العشاء… والنوم مبكراً قبل التاسعة او العاشرة… طبعا تنشأ صداقات مع الرفاق المكلفين لا تنسى بهذه الفترة.. وتشعر دائماً أنك بحاجة للراحة والنوم.. لأن برنامجهم زاخر… ويجب ان يشغلوك...! هكذا الجيش.. وتقاليده.


من نوادر فترة نهاية التدريب… وكنا 4500 مكلف سيخرجنا مساعد رئيس هيئة الاركان في حينه اللواء اسماعيل دهيمان الزبن رحمه الله.. وكنا نذهب جميعا للميدان لعمل بروڤات التخريج… بعد الثالثة والنصف عصراً… في اجواء الصيف وآب اللهاب… وفي اليوم الذي يسبق التخريج البروڤه النهائية بحضور موسيقات الجيش… واذكر انه قبل كل البروڤات طلب ممن لديه القدرة ان يكتب كلمة الخريجين ويلقيها امام راعي الحفل والحضور يوم التخريج… فكتبت كلمة وقدمتها… وبعد ايام استدعانا المقدم صالح الدعجه على ما اذكر… وبدأ بي… طالباً أن القي الكلمة امامه والجميع.. وبصوت عسكري يهدر هدراً… قرأت نصفها… فقال ( خلص انت من وقع عليه الاختيار… وصرف الجميع وكانوا اكثر من 150 مكلف)… طبعا كل يوم في البروڤات ينادي عريف الحفل( كلمة الخريجين… يلقيها المكلف.. مفضي محمد مفضي… فارد نعم سيدي واتقدم امام المنصة والقي التحية العسكرية.. والقي كلمة الخريجين) …قبل التخريج بيوم وبحضور قائد المدرسة العميد سليمان الطراونه ان لم تخني الذاكرة… ومساعده العقيد خير الدين هاكوز في حينه… وفي آخر بروفه وكان المكلفين متعبين جداً..تم النداء علي… وحين اعتليت المنصة بدأت بصوت عسكري جهوري ( بسم الله الرحمن الرحيم… وبعدها ردد خلفي كل المكلفين في الميدان ..بسم الله الرحمن الرحيم… معتقدين أنني المفتي.. الذي يرددون خلفه القسم في مراسم التخريج… وفي هذه اللحظة هاج القائد ومساعده… والضباط والمدربين…واشتاطوا غضباً… لانه لو حدث هذا في التخريج سيكون مصيبة كبرى…فزجرهم الآمر… وطلب الركض للاعلى سلاح… والمدربين خلفهم بالقايش… جزاء عسكري… وبعد ساعة من العقاب باشكاله العسكرية المختلفة… اعيدت البروڤة… وتخرجنا في اليوم الثاني وكان التخريج مبهراً… دون أخطاء… وكنا ننتظره على أحر من الجمر… لأن بعده إجازة اسبوع قبل التوزيع… هذا بعض من ذكريات التدريب… نستعيدها لأننا لم ننساها بعد اربعين عاماً… ونحكيها للأبناء…لنعلمهم درس من دروس الوطنية والمسؤولية… وربما نكتب اكثر في مقبل الأيام… حمي الله الاردن.




عدد المشاهدات : (4126)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :