رم - خاص
يبدو أن معركة رئاسة مجلس النواب العشرين قد بدأت مبكراً، مع إعلان نائب الرئيس الحالي النائب مصطفى الخصاونة ترشحه رسمياً لرئاسة المجلس، في خطوة تفتح الباب أمام مواجهة مباشرة مع الرئيس الحالي أحمد الصفدي، الذي لم يُعلن انسحابه حتى الآن، ما يعني نيته التمسك بالموقع لولاية ثانية.
ترشّح الخصاونة الجدي المدعوم من حزب تقدم الذي يعيش انضباطاً واستقراراً ولم يشهد مشكلات على عكس أحزاب أخرى، وهو الذي شغل موقع نائب الرئيس خلال الدورة الماضية، يضعه في موقع قوة باعتباره مطّلعاً على تفاصيل إدارة المجلس من الداخل، ويمتلك خبرة تنظيمية وسياسية تجعله خصماً جاداً ومؤثراً، كما أن ترشحه يعكس حالة تململ داخل أوساط نيابية ترى أن الأداء السابق للمجلس لم يكن بالمستوى المأمول، وتطمح إلى تجديد القيادة وإحداث توازن أكبر في صناعة القرار البرلماني.
وفي الوقت الذي يحاول فيه الصفدي تثبيت موقعه من خلال إعادة نسج التحالفات التي دعمته في الدورة الماضية، تشير مصادر نيابية إلى أن زخم التأييد السابق قد لا يكون بذات الحدة هذه المرة، في ظل تراجع شعبية بعض السياسات، ورغبة العديد من النواب في منح الفرصة لقيادة أكثر تنوعًا واحتكاكًا مباشرًا بالقواعد النيابية.
عدد كبير من النواب بدأ يُظهر تململاً واضحاً من أسلوب إدارة الصفدي للجلسات والنقاشات، إذ دخل في مناوشات كلامية متكررة مع أكثر من نائب خلال الدورة الماضية، ما ولّد شعوراً عاماً بأن الرئاسة باتت بحاجة إلى نفس جديد قادر على احتواء الطيف النيابي المتعدد وإدارة الجلسات بحكمة وتوازن.
الخصاونة من جهته بدأ مشاورات نشطة مع كتل مختلفة، مستنداً إلى رصيد تراكمي من العمل البرلماني ووجوده داخل هيئة المكتب، وهي ورقة يراهن عليها في إقناع النواب بقدرته على إدارة المجلس بكفاءة، مع رؤية جديدة تركز على ترسيخ الدور الرقابي وتعزيز استقلالية القرار التشريعي.
أما الأسماء الأخرى التي تُطرح كمرشحين محتملين، فلا تزال تُصنّف ضمن دائرة “الحضور التكتيكي” لا الفعلي، حيث يُجمع نواب كثر أن التنافس الحقيقي محصور بين الصفدي والخصاونة، وأن الجولة المقبلة ستكون أكثر حدة من سابقاتها، وربما تحمل مفاجآت غير متوقعة في يوم الاقتراع.
في ظل هذا المشهد، تبدو فرص الخصاونة في صعود الرئاسة مرهونة بقدرته على استقطاب الأغلبية الصامتة من النواب، خاصة أولئك الذين لم يحسموا موقفهم بعد، فيما يواجه الصفدي مهمة أصعب تتمثل في الحفاظ على شبكة التأييد السابقة وسط تراجع الثقة من بعض الحلفاء التقليديين.
معركة الرئاسة المقبلة لن تكون تقليدية، والمجلس قد يكون أمام تغيير حقيقي في الهرم القيادي، في حال استمر الخصاونة بتوسيع تحالفاته وتقديم نفسه كبديل ناضج ووازن.