البريد الأردني : إنموذج للنهوض من جديد


رم - بقلم ماجد ابو رمان

عاد البريد الأردني إلى الحياة بعد أن كان في غرفة الإنعاش لسنوات، تحسنت خدماته، توسعت شبكاته، دخلت التكنولوجيا إلى بعض مفاصله، وأصبح المواطن يرى فيه مرفقًا عامًا يحاول التنفس لا مجرد مبنى قديم تُعلّق عليه ذكريات الرسائل الورقية.

لكن ما إن بدأت هذه المؤسسة تلتقط أنفاسها حتى انطلقت السكاكين، وانهالت الانتقادات، وكأن الشفاء في هذا البلد تهمة، وكأن من يعمل ويُنجز يُنظر إليه كخطر على التوازن القائم: توازن الرداءة!

لست أعلم لماذا نحن في الأردن نكافئ من يعمل بالهجوم، ومن ينهض بالتشكيك، ومن ينجح بالمؤامرة. لماذا نحبّس الإنجاز ونطلق سراح التوافه؟ لماذا إذا تحركت مؤسسة من حالة الغيبوبة، تتأهب لجان التشكيك، وتتنشط الأقلام، وتُصنع أزمة من لا شيء؟

هل أصبح شعارنا الوطني غير المعلن: "لا تقترب من النجاح، إنه منطقة ملغومة"؟

الحق أن البريد الأردني نموذج، لكنه ليس الوحيد. كل من حاول الإصلاح في هذا البلد، واجه في النهاية سطوة مراكز الفشل التي لا تعيش إلا في الظل، ولا تزدهر إلا حين يُطفأ الضوء.

ولعل الهجوم الذي طال البريد مؤخرًا هو في حقيقته رسالة تحذير لمن يحاول أن يعمل بصمت. خصوصًا حين نعلم أن من يقود هذا التغيير هو معالي سامي الداوود، الرجل الذي خرج من رحم العمل العام لا من صالات التنظير ولا مكاتب الرفاه. سامي ليس موظفًا جاء ليُكمّل الموازنة، ولا حاز على جائزة ترضيه كغيره من رؤساء مجالس الإدارة بل طاقة عمل حقيقية، يعرف دهاليز الدولة ويؤمن بالمؤسسات، ولا يخشى أن يوسّخ يديه في ملفات أهملها الجميع لسنوات.

أخشى أن يكون الخلل فينا نحن، في وعي الشعب الذي اعتاد أن يصفّق للخُطَب ويُهاجم الإنجازات، لأن صوت الجعجعة أعلى من همس العمل، ولأننا لا نثق إلا بمن يبيعنا الكلام المزخرف في نشرات الأخبار، لا من يعيد بناء مؤسسة كانت قد شُيّعت قبل سنوات.




عدد المشاهدات : (5171)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :