المهندس عادل بصبوص
نشرت بالأمس صحيفة الرأي مقالاً لأحد كتابها وعلى صفحتها الأخيرة بعنوان "الدين العام ... ما الغريب؟" .... عبر فيه عن استغرابه من انتقاد البعض لموضوع المديونية ... فهي برأيه لا تمثل مظهراً من مظاهر سوء الإدارة بل أداة من أدوات الصمود الاقتصادي بوجه الأزمات .... الغريب في الأمر أن الكاتب ذاته قد كتب مقالاً مشابهاً في الصحيفة ذاتها قبل ثلاثة أسابيع تماماً دافع فيه بشراسة عن موضوع المديونية وهاجم منتقديها ... وكان المقال بعنوان "المديونية انقذتنا من العواصف " ... حيث بين الكاتب أن اللجوء إلى الاستدانة كان لحماية الوطن والاقتصاد من عواصف شديدة محلية واقليمية ودولية بدأت بانقطاع الغاز المصري ثم الربيع العربي واللجوء السوري وجائحة كورونا .... وأن المديونية قد حمت البلاد والعباد وحافظت على الاقتصاد وحققت النمو وضمنت صرف الرواتب في مواعيدها ....
كذلك نشر الكاتب أواخر العام الماضي مقالاً بذات المضمون بعنوان "مديونية الأردن إيجابية ودليل قوة" .... وقبل ذلك بشهور قليلة كتب مقالين حول ذات الموضوع وبنفس المضمون بعنوان "أسباب المديونية" والآخر بعنوان "لولا المديونية ما كان هذا حالنا" ....
خمسة مقالات حول ذات الموضوع وبنفس المضمون خلال مدة عام واحد ... أمر في غاية الغرابة فعلاً ... كيف قبلت الصحيفة بذلك .... يبدو أن لدى الكاتب مشكلة في إيجاد مواضيع وأفكار جديدة يقدمها لقرائه ومتابعيه ...أو أن هناك أسباباً لذلك لا نعلمها ....
وقبل الدخول في مناقشة مضمون هذه المقالات فقد اخترت عبارتين اثنتين وردتا في هذه المقالات الأولى "المديونية قصة صمود وحكمة" أما الثانية فتقول "المديونية ليست عبئاً بل درع حمى الوطن والمواطن" ....
حقيقة الموضوع لا يحتاج الكثير من النقاش والمحاججة .... فالمديونية وخاصة تلك التي تمثل ظاهرة مستمرة تلازم الاقتصاد ... هي من أسوء المشاكل التي قد يبتلى فيها اقتصاد أية دولة ... والدفاع عن ذلك لا يمكن تصنيفه إلا ضمن ظاهرة "خالف تعرف" .... وكثير من دول العالم التي انهار الاقتصاد فيها كان ذلك بسبب المديونية ....
كل الدول عرضة للأزمات والعواصف .... والتخطيط السليم والحصيف كفيل بمواجهتها ببدائل وخيارات بعيداً عن الاستدانة من الخارج والتي لها آثار سلبية لا حصر لها وفي مقدمتها المس باستقلالية القرار الوطني ....
لا نريد التوسع في سرد الأسباب والمبررات التي تدحض كلام الكاتب والذي من فرط حماسه للمديونية والدفاع أنها كأنها منجز وطني كاد أن يقول يجب أن نوزع الأوسمة والنياشين على من تسبب بها ... فالأمر واضح وجلي .... فقط نريد أن نلفت نظر الكاتب إلى أن المديونية هي ممارسة سلبية من الممارسات التي لازمت الاقتصاد الوطني منذ عقود والموضوع لا علاقة له بكورونا ولا باللجوء السوري ... فقبل ذلك بسنوات طويلة ورد في الخطة الاقتصادية والاجتماعية 1993-1997 صفحة 31 النص التالي :
"شكل العجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات والعجز في الموازنة العامة خلال فترة الثمانينات أبرز مظاهر الخلل في هيكل الاقتصاد الوطني والذين أديا إلى مزيد من الاقتراض الخارجي " .....
لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
|
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |