4 آلاف موقع إخباري بالذكاء الاصطناعي للتلاعب بخوارزميات غوغل


رم -

كشف الصحفي الفرنسي الاستقصائي جان مارك ماناش عن وجود أكثر من 4 آلاف موقع إخباري مزيف تم إنشاؤها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بهدف التلاعب بخوارزميات البحث في غوغل وصولا لتحقيق أرباح من الإعلانات عبر خدمة غوغل ديسكفر.

وبحسب ماناش، فإن هذه المواقع التي تنتشر بشكل واسع في فرنسا، وتضم أكثر من 100 موقع باللغة الإنجليزية، تعتمد على مقالات إما منسوخة من مواقع أخرى أو مختلقة بالكامل، ويقف وراءها خبراء في تحسين محركات البحث "إس إيه أو" (SEO) يسعون إلى تحقيق الربح عبر الروابط الخلفية أو الظهور في ديسكفر، وهو قسم الأخبار المخصص لمستخدمي تطبيق غوغل على أجهزة أندرويد.

ويقول ماناش، الذي يعمل في مجال الصحافة الاستقصائية منذ التسعينيات، إن هذه الظاهرة تحرم الصحفيين والمؤسسات الإعلامية الحقيقية من عائدات الإعلانات، وتسهم في نشر محتوى مضلل على نطاق واسع.

نماذج من المواقع المزورة بالذكاء الاصطناعي وفق موقع برس غازيتنماذج من المواقع المزورة بالذكاء الاصطناعي (موقع برس غازيت)

وقد بدأ ماناش تحقيقه في بداية عام 2024 بعد أن لاحظ ظهور مواقع لم يكن يعرفها من قبل، وبالتعاون مع طلابه في كليات الصحافة، تمكن بحلول أكتوبر من نفس العام من تحديد 250 موقعا، ثم توسع التحقيق لاحقا بالشراكة مع صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، ليصل عدد المواقع المكتشفة إلى أكثر من 4 آلاف.

ويعتقد ماناش أن اثنين على الأقل من مالكي هذه المواقع أصبحا مليونيرَين بفضل الأرباح الناتجة عن الإعلانات، رغم أن المحتوى الذي يتم نشره لا يخضع لأي رقابة تحريرية حقيقية.

ويشير ماناش وفق ما نقل عنه موقع "برس غازيت" إلى أن "غوغل ديسكفر" الذي يُستخدم لتوصية المحتوى للمستخدمين بناء على اهتماماتهم، غير قادر على التعامل مع هذه المواقع المزيفة، مما يجعلها تظهر للمستخدمين وكأنها مصادر موثوقة.

ويضيف أن بعض المحررين يسعون للظهور على ديسكفر لأنه "يشبه ماكينة صراف آلي"، إذ يمكنهم كسب آلاف الدولارات يوميا من الإعلانات التي تُعرض على مواقعهم. وقد أصبح ديسكفر مصدرا رئيسيا لحركة المرور في المملكة المتحدة، متجاوزا الإحالات التقليدية من البحث، وفقا لتقارير شركة ريتش الإعلامية.


أخبار كاذبة… وعناوين خادعة

ومن بين الأخبار الكاذبة التي روجت لها هذه المواقع، تقارير زائفة عن "إلغاء الأوراق النقدية في فرنسا"، و"منع الأجداد من تحويل الأموال لأحفادهم"، و"سحب الحكومة الفرنسية للأموال من حسابات التوفير لتمويل الحرب في أوكرانيا".

كما ظهرت على هذه المواقع قصص أكثر غرابة، مثل "اكتشاف هرم عمره 25 ألف عام تحت جبل"، و"عثور العلماء على حيوان مفترس ضخم يشبه طائر الدودو تحت الجليد في القارة القطبية الجنوبية".

ويؤكد ماناش أن هذه المقالات غالبا ما تحتوي على صور وعناوين من إنتاج الذكاء الاصطناعي، تهدف إلى إثارة الفضول أو الخوف، وهذا يزيد من احتمالية النقر عليها.

ويرى ماناش أن انتشار ظاهرة المواقع المزيفة في السوق الفرنسية يعود جزئيا إلى انتشار دروس تعليمية على يوتيوب في عامي 2023 و2024، تشرح كيفية "اختراق" ديسكفر باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. ويحذر من أن السوق الفرنسية أصبحت "مكتظة" بهذا النوع من المواقع، وهذا يدفع بعض المحررين إلى استهداف أسواق أجنبية بلغات أخرى.

صورة للصحفي الفرنسي الاستقصائي جان مارك ماناشجان مارك ماناش: على الصحفيين أن يثبتوا تميز عملهم عن المحتوى الاصطناعي (وسائل التواصل)

وقد حدد ماناش أكثر من 120 شركة ومحررا يقفون وراء هذه المواقع، من بينهم صحفيون ومدربون إعلاميون، وبعض المواقع كانت توظف صحفيين حقيقيين قبل أن تستغني عنهم بالذكاء الاصطناعي من دون إبلاغ الجمهور.

سياسات صارمة

وفي ردها على هذه الاتهامات، قالت شركة غوغل إنها تطبق سياسات صارمة ضد المحتوى غير المرغوب فيه، سواء أُنتج بواسطة البشر أو الذكاء الاصطناعي، وإن أنظمتها تعمل على منع ظهور المحتوى منخفض الجودة في ديسكفر ونتائج البحث.

لكن ماناش يرى أن هذه الإجراءات غير كافية، ويؤكد أن الصحفيين يجب أن يثبتوا تميز عملهم عن المحتوى الاصطناعي، وأن الجمهور يجب أن يعرف ما إذا كان يقرأ مقالا حقيقيا أم محتوى مزيف.

وفي ختام تحقيقه، يدعو ماناش إلى وضع علامات واضحة على المحتوى الذي يُنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي، ومعاقبة الجهات التي تخفي ذلك، مؤكدا أن هذه الظاهرة لا تهدد الصحافة فحسب، بل تهدد الديمقراطية وحق الناس في الحصول على معلومات موثوقة.

ويأمل أن يبدأ المزيد من الصحفيين ومدققي الحقائق حول العالم في توثيق هذه المواقع، ومواجهة ما وصفه بـ"التلوث المعلوماتي" الذي بات ينتشر بسرعة في الفضاء الرقمي.

المصدر: الجزيرة



عدد المشاهدات : (4550)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :