رم - تتحدث نشرة معهد العناية بصحة الأسرة (من معاهد مؤسسة الملك الحسين)، اليوم الإثنين، عن الجلطة الوريدية العميقة، التي تُعد من الحالات الطبية الشائعة والخطيرة في آنٍ واحد، حيث تتشكل جلطة دموية في الأوردة العميقة من الجسم، غالبًا في الساقين أو الفخذين.
وتضع نشرة المعهد بين يدي القارئ تفصيلا علميا لماهية الجلطة الوريدية العميقة، وأسبابها، وأعراضها، وإجراءات تشخيصها، وعلاجها، إضافة إلى مضاعفاتها المحتملة وطرق الوقاية منها.
تكمن خطورة الجلطة الوريدية العميقة في احتمال انتقال الجلطة إلى الرئتين، مسببة انسدادًا رئويًا قد يؤدي إلى الوفاة. ورغم شيوع الحالة، إلا أن الكثيرين يجهلون أعراضها وطرق الوقاية منها، ما يزيد من معدل المضاعفات والوفيات الناتجة عنها.
تعريف الجلطة الوريدية العميقة:
الجلطة الوريدية العميقة هي حالة تتكوّن فيها جلطة دموية (خثرة) في وريد عميق داخل الجسم، وغالبًا ما تحدث في أوردة الطرف السفلي مثل الساق أو الفخذ. وتختلف هذه الجلطات عن الجلطات السطحية التي تحدث في الأوردة القريبة من سطح الجلد، حيث إن الجلطات العميقة تكون أكثر خطورة بسبب إمكانية انتقالها إلى الرئتين عبر الدورة الدموية.
الأسباب وعوامل الخطر:
هناك العديد من الأسباب والعوامل التي قد تؤدي إلى تكوّن جلطة وريدية عميقة، ويمكن تصنيفها ضمن ثلاث فئات تُعرف باسم (Virchow's Triad):
1 - ركود الدم (Stasis)، والذي قد ينتج عما يلي:
- الجلوس أو الاستلقاء لفترات طويلة، مثل السفر الطويل أو الراحة في الفراش بعد الجراحة.
- الشلل أو نقص الحركة بسبب الإصابة أو المرض.
2 - تلف بطانة الأوعية الدموية، والذي قد ينتج عما يلي:
- الإصابات الجراحية أو الصدمات المباشرة.
- القسطرة الوريدية طويلة الأمد.
- الالتهابات الوريدية السابقة.
3- فرط تخثر الدم، والذي قد ينتج عما يلي:
- العوامل الوراثية.
- الحمل أو استخدام موانع الحمل الفموية.
- السرطان وبعض أمراض الدم.
- أمراض مناعية مثل الذئبة الحمراء الجهازية.
الأعراض والعلامات:
في كثير من الحالات، قد لا تظهر أعراض واضحة، مما يزيد من خطر المضاعفات. ومع ذلك، عند ظهور الأعراض، فإنها تشمل:
- تورم الساق، غالبًا في ساق واحدة.
- ألم أو حساسية في الساق، خاصة عند المشي أو الوقوف.
- احمرار أو تغير لون الجلد في منطقة الجلطة.
- ارتفاع حرارة الساق المصابة عند لمسها.
- في حالة انتقال الجلطة إلى الرئة، قد تظهر أعراض مثل:
1- ضيق في التنفس.
2- ألم في الصدر يزداد مع التنفس العميق.
3- سعال، قد يكون مصحوبًا بدم.
4 - تسارع ضربات القلب أو انخفاض ضغط الدم المفاجئ.
التشخيص:
يعتمد التشخيص على تقييم الأعراض والتاريخ الطبي، بالإضافة إلى عدد من الفحوصات منها:
- الموجات فوق الصوتية دوبلر (Doppler Ultrasound) : أكثر الفحوصات شيوعًا لتشخيص الجلطة.
- فحص الدم D-dimer : يُستخدم للكشف عن وجود تحلل جلطة في الجسم، ويُعتبر مؤشراً غير محدد ولكنه مفيد في استثناء الجلطة إذا كانت النتيجة سلبية.
- التصوير الوريدي (Venography) : يستخدم في الحالات المعقدة أو إذا كانت نتائج الموجات فوق الصوتية غير واضحة.
- التصوير المقطعي المحوسب (CT) أو الرنين المغناطيسي (MRI) : في بعض الحالات لتشخيص الجلطة الرئوية.
العلاج:
يهدف علاج الجلطة الوريدية العميقة إلى:
- منع تكوّن جلطة إضافية.
- منع كبر حجم الجلطة الحالية.
- منع انتقال الجلطة إلى الرئة.
1 - مضادات التخثر (مميعات الدم):
أكثر العلاجات شيوعًا، تشمل الهيبارين، الوارفارين، أو أدوية جديدة مثل ريفاروكسابان وأبيكسابان.
تستمر مدة العلاج عادة من 3 إلى 6 أشهر، أو أكثر في الحالات المزمنة.
2 - مرشحات الوريد الأجوف السفلي (IVC filters):
تُستخدم عندما يكون استخدام مضادات التخثر غير ممكن أو في حالة تكرار الانصمام الرئوي.
3- الجوارب الضاغطة:
- تُستخدم لتخفيف الأعراض ومنع المضاعفات مثل متلازمة ما بعد الجلطة.
4 - إذابة الجلطة (Thrombolysis):
تُستخدم في حالات الجلطات الكبيرة المصحوبة بأعراض شديدة أو في حالة الانصمام الرئوي المهدد للحياة.
المضاعفات المحتملة:
من أهم المضاعفات:
1 - الانصمام الرئوي:
وهو انتقال الجلطة إلى الرئتين، وقد يكون مهددًا للحياة.
2 - متلازمة ما بعد الجلطة (Post-thrombotic Syndrome):
تشمل تورم مزمن، ألم، تغير لون الجلد، تقرحات في الساق، وقد تؤدي إلى إعاقة طويلة الأمد.
3- تكرار الجلطة:
نسبة تكرار الجلطات عالية لدى الأشخاص الذين لا يلتزمون بالعلاج الوقائي أو لديهم عوامل خطر مزمنة.
الوقاية:
الوقاية تُعد من أهم الخطوات لتجنب حدوث الجلطة الوريدية العميقة، خصوصًا في الأشخاص المعرضين للخطر. وتشمل:
1- الحركة المنتظمة:
تجنب الجلوس أو الاستلقاء لفترات طويلة دون حركة، خاصة أثناء السفر أو بعد العمليات الجراحية.
2- استخدام الجوارب الضاغطة:
خاصة بعد الجراحة أو في المرضى طريحي الفراش.
3 - استخدام الأدوية المانعة للتخثر:
تحت إشراف الطبيب بعد الجراحات الكبرى أو في المرضى المعرضين لخطر مرتفع.
4 - نمط الحياة الصحي:
التوقف عن التدخين، الحفاظ على وزن صحي، ممارسة الرياضة بانتظام.