عربيات: رائد المسرح الشرطي الأردني، وأسطورة الإبداع المتوج بجائزة الأوسكار"


رم -

الحمدُ للهِ الذي رفعَ أهلَ الفضلِ درجاتٍ، وجعلَ لأصحابِ الهممِ العاليةِ في الخَلقِ مقاماتٍ. والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا محمدٍ خيرِ من خُلق، وعلى آلهِ وصحبِه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.
أما بعد…
فإنَّ من أعظمِ ما يُخلّدُ في سجلِّ الخالدين، ويُسطَّرُ في كتابِ الزمنِ بمِدادِ الشرفِ والإبداع، أن ينهضَ المرءُ برسالةٍ ساميةٍ، ويضعَ لبِناتٍ أولى في ميدانٍ عجزتْ عنه العقولُ دهورًا، ثم يُتوَّجَ ذلكَ بجائزةٍ عالميّةٍ تُنصفُ جهده، وتُقرّ له بالتميّز. وهذا ما كان للمقدَّم المتقاعد منذر عربيات، الذي رفَعَ رايةَ الإبداعِ في ساحةٍ قلّ مرتادوها، فكان مؤسسًا وملهِمًا وبانيًا لمجدٍ ثقافيٍّ وأمنيٍّ فريد.
لقد تسنَّمَ المقدم منذر عربيات ذُرى المجدِ يومَ أطلقَ من الأردنِّ الحبيبِ شعلةَ المسرح الشرطي، فكان أولَ من نسجَ من خيوطِ الانضباطِ الأمني نسيجًا فنّيًا يُخاطبُ الوجدانَ، ويروّضُ الفكر، ويرتقي بالذوق. فغدا المؤسسَ الأوّل لهذا اللون المسرحي على المستوى الأردني والعربي والدولي، واضعًا بذلكَ حجرَ الأساسِ لفنٍّ رساليٍّ يجمعُ بين الجنديةِ والإبداع، وبين الانضباطِ والرسالةِ الاجتماعية.
وما المسرحُ الشرطيُّ إلا لسانُ حالِ الأمنِ إذا نطقَ بالحكمةِ، ومرآةُ الواقعِ إذا صُقِلَتْ بالصدقِ والنيةِ الطيبة. فكان لعربيات أن جَمعَ بين صفاتِ القائدِ الفني، والمفكّرِ المجتمعي، ورائدِ التجديد في الفنّ المؤسسي، حتى أضحى مدرسةً قائمةً بذاتها، ومعلَمًا من معالمِ الفكر الأمني الإبداعي.
وها هو اليوم يُتوَّجُ بجائزةِ أوسكار للإبداع كأفضلِ شخصيّةٍ مؤثّرةٍ، تقديرًا لمسيرةٍ زاخرةٍ بالإنجاز، وحياةٍ طافحةٍ بالعطاء، وكلمةٍ قد سكنتْ في قلوبِ الأجيالِ قبلَ أن تُدوَّنَ في سجلاتِ المكرمين. فحقَّ له أن يُقال: "هذا الذي ارتدى البدلةَ العسكريةَ، فارتقتْ على يديهِ الخشبةُ، وتكلّمتْ القلوبُ، وتصالحَ الأمنُ مع الفنِّ في حضرةِ الإبداع".
إنَّ تكريمَ المقدم منذر عربيات، ليس تكريمًا لشخصه الكريم فحسب، بل هو تكريمٌ لفكرةٍ آمنتْ بأنّ المسرحَ قادرٌ على صناعةِ الوعي، وأنّ الجنديَّ حين يحملُ القلمَ والمسرحَ إلى جانبِ السلاحِ، فإنّه يُشيِّدُ وطنًا لا يُهدّدُه الجهلُ ولا تزعزعُه الفتن.
فللهِ دَرُّك من قائدٍ، وللإبداعِ فخرٌ أن يُقترنَ باسمك. بوركتَ أيّها المبدعُ المتألّق، ودمتَ منارةً تُضيءُ دربَ الأمنِ والثقافةِ معًا، فما أحوجَ الوطنَ العربيَّ إلى أمثالِك.
بقلمي :
أ.د ياسر طالب الخزاعله...
٣٠ يونيو ٢٠٢٥م

 




عدد المشاهدات : (4975)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :