رم - د.لؤي بواعنة
مع احترامنا لرئيس بلدية إربد الفاضل والرجل القدير،ومجلسها البلدي وكلهم موضع تقديرنا واحترامنا، فهم من رحم الشعب واختياره،وأكثردراية وحرصا منّا على صورة إربد وتنظيمها. ولكن نحن أبناء إربد من حقنّا أيضا أن نعتزبرجالات إربد وشخصياتها التاريخية التي قدمت للمدينة والوطن والملك أكثر من غيرهم،فلهؤلاء دَينُ في رِقابنا،اعترافا بفضلهم ،بأن تَحمل دواوير إربد وميادينها وشوارعها وساحاتها أسماؤهم،وفي مقدمتهم المربي والإداري والنائب والوزيرالسابق المرحوم فضل الدلقموني ،الذي يكفي الجميع فخرا بما فيهم أعضاء المجلس البلدي،أنه من ريحة وصفي التل وطاقمه الوزاري الذي كان عنوانا للانتماء والكرامة،والحرص على الأردنِ من كل غادر وفاسد .أنه وصفي الذي لازال الشرق والغرب يتغنى به وبوطنيته . فهل يستكثر مجلس بلدية إربد،على إربد أن يشار لرجالها بالبنان على دواويرها وشواعها .من حقنّا نحن أبناء إربد أن تبقى رموز بلدتنا تضيء وتنير شوارعها ودواويرها،وهذا أقل حق ممكن أن يعطى لهم . ومن حقنّا أيضا أن يعرف زوار مدينتنا أسمهاء رموزها وزعمائها،فلكل مدينة خصوصيتها ورجالها وهويتها،فماذا سيقدم اسم الحرمين– مع تقديرنا للاسم- لإربد وأهلها وزارها،فليكن بمكان آخر،وليس على حساب شخصياتها ورموزها،فهؤلاء يشكلون نبراسا وتاريخا للاجيال اللاحقة التي لا تعرف من تاريخ بلادها شيئا.
هذه المدينة إربد،مدينة جميلة بأهلها وبصروحها العلمية والأكاديمية وأماكنها الأثرية وأسواقها القديمة وبعشائرها التي قدمت الشهداء وأنجبت الوزراء والقامات العلمية التي يشارلها بالبنان.هذه المدينة كغيرها من مدن الأردن وبواديه صنعت نخب البلاد من رجال الحركة الوطنية :مثل مصطفى وهبي التل وعلي خلقي الشرايري ومحمد الحمود وسالم الهنداوي وسليمان السودي الروسان وغيرهم الكثير،ويكفي أنها أخرجت وصفي التل وأحمد عبيدات،هذه المدينة التي لم تبخل على الوطن يوما بنُخَبها الذين كانوا إلى جانب الحسين خطوة بخطوة في بناء الأردن،ومنهم فضل الدلقموني،فهل تستكثربلدية إربد أن يكون هناك شارع ودوار يحمل اسم الفقيد ليشطب اسمه من الدوار ويُكتفى اسمه بشارع فقط،وكأنهم يَمنون عليه وعلى أهله وعشيرته وعلى الوطنيين بذلك. هذا ليس ابن الدلقموني فقط بل هو رمز وفاء للوطن بمجمله وبفئاته النزيهة جميعها ،وليس حكرا على أهله أو منطقته .
لمن لا يعرف فضل الدلقموني،أقول باختصارأنه ابن إربد ،ومن عشائرها المعروفة بالخرزات السبع،وليس هذا هو معياري الرئيسي للدفاع عنه،بقدر ما كان عليه الرجل من حرص على الوطن وماله العام،فقد ُسجل في تاريخه النظيف أنه كان يشرف بنفسه على تحصيل فواتيرهواتف كبار شخصيات العاصمة عندما كان وزيرا للمواصلات عام 1966،فكان يفصل خطوط فواتير كبار الشخصيات اللذين لم يدفعوا فواتيرهم ،ثم يرد عليهم بنفسه ويعيد الخط لمن يدفع .ألا يكيفيه شرفا أن نخلد اسمه في الوقت الذي يتسابق البعض لسرقة المال العام.أنه عنوان الشرف والكرامة والانتماء،فهذه الميزة لوحدها تكفيه عنوانا لإربد ورجالها سواء أعدتم الدوار باسمه أم لم تعيدوه، فالتاريخ لا يرحم ويكتب من كان مع الوطن أو من أدار ظهره لشخوصه ورموزه.
كُلنا يعلم أن المزاج والمصلحة تلعب دور كبير في كثير من الاسماء،لمصلحة من يستبدل أسم شخصية وطنية باسم آخر.علما أن هناك شوارع كثيرة يمكن أن تحمل مثل هذا الاسم.أكثرما يقلقنا في هذه الأيام أن يصبح التخلص من الشخصيات الوطنية أمرا اعتياديا بحجج مختلفة،والخوف الأكثرأن يصبح الحبل على الجرار ،فاليوم يستعاض عن اسم فضل الدلقموني بدوار الحرمين،وغدا يستعاض عن دوار وصفي التل باسم فلان وفلان. وهذا أمر مستهجن وغيرمنطقي وغير مقبول من بلدية إربد ومجلسها الموقر،حتى لو تمت الموافقة عليه من المجلس كله،فهذا ليس قانونا ولا دستورا ولا قرآنا . نحن كلنا طمع بكرم بلدية إربد أن تزيد عدد الدواوير التي تحمل اسماء رجالات إربد وشخصياتها على مرالتاريخ منذ زمن الملك المؤسس حتى الآن،لا أن تمحو تلك الاسماء من الذاكرة الوطنية الأردنية،خاصة أننا بأمس الحاجة إليها اليوم في زمن العولمة من كل العهود السابقة خاصة أننا يوميا ما نتكلم عن الذاكرة الوطنية وتاريخ الأردن واحيائه وافتقاد جيل الشباب لهوية وطنية راسخة معرفة وسلوكا،وتأتي البلديات لمسح تلك الذاكرة الوطنية لغايات في نفس زيد وعبيد.فهل يعيد عمدة إربد ومجلسها حساباتها،أم أننا انسلخنا من تاريخنا الأردني وأصبحنا نستحي من أبناء جلدتنا !
*أكاديمي /جامعة البلقاء التطبيقية