رم - بقلم : المحامي علاء مفلح أبو سويلم
في 25 حزيران 2025 دخل حيز التنفيذ التعديل الذي انتظره الأردنيين كثيرا ليوقف العمل بقانون التنفيذ السابق ويدخل عهد جديد يعمل به من سنوات طويلة في العديد من دول العالم ، ومع بدا سريان القانون الجديد قانون وفرض شروطًا جديدة لضمان عدالة التنفيذ " وبوصفي من المهتمين بالشأن القانوني فإنني أرى أن هذا التعديل يمثل خطوة شجاعة نحو تحقيق توازن طال غيابه بين حقوق الدائنين وضمانات المدينين في دولة القانون والمؤسسات ، من هنا كان لابد لي التوضيح لماذا أؤيد هذا التعديل ولا بد ان أوضح أيضا الإيجابيات والسلبيات ولا بد ان نسلط الضوء عليه جميعا ؟
من حيث المبدأ لا يمكن في دولة قانون أن يُزجّ الإنسان في السجن لأن عجز عن السداد وخاصة في العديد من الحالات واهمها العجز الحقيقي عن السداد وبالغة العامية " في حالات الفقر " و التعديل الجديد اعتمد فلسفة إنسانية منسجمة مع المادة (11) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تحظر الحبس لمجرد العجز عن الوفاء بالتزام مدني .
لقد شهدنا خلال السنوات الماضية آلاف القضايا التي تنتهي بقيود توضع على حرية أشخاص لا يملكون فعليا ما يمكن تقديمة ليكون بديل عن حجز حريتهم لمجرد انهم عجزوا عن سداد الدين ، ومن هنا لا بد ان نفرق بين من عجز عن سداد الدين ومن يتعمد ويعمل ويملك ولا يريد ان يسدد ، فالفارق كبير ولا بد من محاسبة من يملك ويرفض السداد .
في الحالة الأولى التي يعجز بها المدين عن السداد ويثبت عجزة عن السداد للدائن فعملية الحبس لم ولن تساعد في حل المشكلة وخاصة مع الأشخاص المتعثرين ماديا ويمكن اثبات العجز بالطرق القانونية وهناك العديد من الطرق والقضايا تم التأكد منها من خلال دوائر التنفيذ في المحاكم ، فهل يُعقل أن يكون الحبس وسيلة تحصيل في قضايا المتعثرين والغارمين والغارمات و في زمن أصبحت فيه المعلومات البنكية والأصول والمصادر المالية قابلة للرصد والتقييم ؟
في الحالة الثانية التعديل سيكشف العديد من القضايا التي كان يستغلها الكثيرون كذريعة للتسويف والمماطلة من قبل بعض ( المدينين سيّئي النية ) لا سيّما في ظل غياب قواعد صارمة لضمان التنفيذ العيني أو رصد الأموال المنقولة وغير المنقولة بشكل فعّال في بعض القضايا التي لا بد من البحث والتحري عن الأموال المنقولة والغير منقولة على الأشخاص الذين يحاولون التحايل وتضليل العدالة للتهرب من سداد الديون فلا بد من تفعيل الإجراءات الاحترازية لكشف ذلك خلال مراحل التقاضي لتشديد العقوبة على هؤلاء الأشخاص .
ومن الناحية القانونية والوجه الآخر على التعديل الجديد و رغم أهمية الخطوة فإن التحفظ الأبرز الذي أشاركه كرجل قانون وبمشاركة عدد من الزملاء القانونيين " لا يكون هناك افراط في حماية طرف على حساب آخر والعمل على توازن يضمن للدائن حقه المشروع في تحصيل حقوقه وللمدين ضمان ألّا يُعامل كمجرم ومن هنا فإن التعديل بحاجة إلى نظام دعم تقني وقضائي يُكمل مضمونه بإنشاء سجل مركزي للملاءة المالية لتعزيز آليات تتبع الذمم المالية والأصول إلكترونيًا .
من هنا ومن الناحية القانونية فأنني أرى أن هذا التعديل هو نقلة تشريعية ضرورية تأخرت وهي تعبير عن تطور في وعي المشرّع الأردني بمفهوم الحقوق المدنية والاجتماعية وهو تعديل بحاجة إلى أدوات تطبيق عادلة وفعّالة حتى لا يتحول إلى مجرد ورقة قانونية يستفيد منها من يجيد المناورة ويظلم فيها من يستحق السداد.