ابو طير يكتب : الحرب لم تنته لهذه الاسباب


رم - ماهر ابو طير

وقف الحرب بين إيران وإسرائيل، قد لا يكون دائما، لاعتبارات كثيرة، وما يمكن قوله إن هذه الجولة من الحرب انتهت، لكن الحرب ذاتها لم تنته.
إذا كانت إيران ستعود إلى التفاوض على ما تبقى من البرنامج النووي الإيراني، وملف الصواريخ، بعد كل الأضرار التي وقعت على إيران والمنشآت النووية، فلماذا لم تقبل الشروط الأميركية منذ البداية، وجنبت نفسها كلفة هذه الحرب؟.
هل ستعود إيران إلى التفاوض قوية أم أضعف؟ هذا سؤال مهم يحدد مسارات المرحلة المقبلة، والمؤكد هنا أن طهران تسببت بأضرار غير مسبوقة في تاريخ إسرائيل، وهذه نقطة قوة لها، لكن نقطة الضعف هنا ترتبط بأضرار القدرات النووية الإيرانية، التي ما تزال قائمة جزئيا، وتراجعت في بعض أوجهها.
التفاوض يعني قبول خسائر الحرب، كما أن القبول بالشروط الأميركية على إيران يعني "مذلة قومية" كان بإمكان إيران تجنبها، وهي أن أثبتت قدرتها على إيذاء إسرائيل بشدة، إلا أنها خسرت أيضا، بما يعني أن ميزان الخسائر والأرباح يبدو متساويا بين الإيرانيين والإسرائيليين، في سياقات اللحظة، وليس إستراتيجيا.
خرق الهدنة الحالية يبدو ممكنا، خصوصا، أن التحليلات تتحدث عن مخطط لانقلاب إصلاحي داخل النظام الإيراني دون تغييره، او تصنيع موجة فوضى شعبية، بمشاركة مدنيين وعسكريين، وهذا يعني ان استهداف إيران لن يتوقف، ولن يكون غريبا ان تنهار الهدنة تحت وطأة اي عمليات إسرائيلية سرية داخل إيران، أو إدراكا من طهران أيضا أن الهدنة ستكون ضدها من حيث النتائج النهائية، حيث خرجت إيران تحصي أضرارها، دون أن تستفيد على مستواها الوطني من احتمال رفع العقوبات، أو وقف الاستهداف، أو تغير معادلات القوى.
إسرائيل تضررت كثيرا إذ منذ السابع من أكتوبر تغرق في حروب على جبهات مختلفة، عشرات آلاف الإسرائيليين بلا مساكن، آلاف القتلى والجرحى، اقتصاد تحت الضربات، وجاذبية الهجرة إلى إسرائيل انقلبت للهجرة خارجها، ومنظومة عسكرية تمت إهانتها مرارا، وسؤال مدى احتمال الاحتلال لكل هذا لا يمكن إنكاره في هذا التوقيت، كما أن حكومة الاحتلال في طريقها إلى تداعيات داخلية بشأن المعارضة الإسرائيلية والموقف من نتنياهو وتأثيرات الحرب العسكرية والاقتصادية على الاحتلال، وبلا شك فإن ما يشهده الاحتلال منذ أكتوبر 2023، لم يشهده طوال عقود ماضية، ويؤشر على مستقبل مختلف تماما.
في ظلال المشهد تأتي غزة التي غابت خلال الأيام القليلة الماضية، ووضع القطاع، واحتمالات عقد هدنة وعلينا أن نلاحظ أن الاتفاق بين الإيرانيين والإسرائيليين تجنب تماما الربط بين الساحات، فلم يتم عقد صفقة بشأن غزة بالتوازي، كما لم تعلن إسرائيل نيتها وقف الحرب في قطاع غزة، وقد نشهد تطورات كثيرة في قطاع غزة، على صعيد مخطط التهجير، وعدم التهدئة، في ظل مأساة إنسانية يعيشها الغزيون، بما قد يجعلنا أمام محطة استراحة للاحتلال، ستتفرغ خلالها لقطاع غزة، والضفة الغربية والقدس أيضا، لإكمال بقية المخطط.
مؤشرات المنطقة سلبية جدا، ونحن وسط صراعات لا يتم حسمها نهائيا، ولا يمكن لإسرائيل أن تنجو نهاية المطاف، أمام كل هذه العداوات، حتى لو امتلكت اليوم دعما غربيا، وقوة عسكرية تؤهلها للقصف في كل مكان دون سؤال أحد.
لقد أثبتت جولات الحرب أن إسرائيل، دويلة يمكن زلزلة بنيتها، والنيل منها، وكشفت الحرب أيضا مدى هشاشة تركيبتها، وأسباب بقائها مرهونة بغيرها.



عدد المشاهدات : (5498)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :