د. روان سليمان الحياري
في سابقة لافتة، نفّذت إيران ضربات دقيقة داخل الأراضي القطرية، في تصعيد عسكري لا يُقرأ بمعزل عن السياق الإقليمي والدولي، ويحمل رسائل مركّبة في اتجاهات عدة. ليس أقلّها أن طهران أبلغت واشنطن مسبقًا بتفاصيل الضربة.
فهل يُعدّ ذلك مجرد تنسيق لتفادي التصادم، أم أنه يعكس تحوّل "الخصومة" التقليدية إلى تفاهمات ضمنية حول إدارة النفوذ وأدوات الردع في المنطقة؟
لا شك أننا أمام معادلة جديدة في الإقليم: صراع يُدار داخل حدود مرسومة، لا يتجاوز الخطوط الحمراء المعلنة، وخارج إطار الفوضى والانفلات. وهذا ما يُشي بتفاهمات باردة بين مشاريع متنافسة على قيادة المشهد الإقليمي.
الضربة الإيرانية على قطر – بكل ما تمثله الدوحة من رمزية كـ لاعب دبلوماسي وإعلامي وأمني – لم تكن تستهدف خسائر مباشرة، بل اختارت أن تُرسل رسائل محسوبة إلى أكثر من طرف: رسالة اختبار للخطوط الأميركية، ورسالة ضغط موجهه، ورسالة داخلية لتحصين سردية الردع. والتي هنأ بعدها الرئيس الأميركي العالم، بأن "حان وقت السلام".
في هذا المشهد، تتقاطع مشاريع تتنافس على السطح وتتناغم في العمق: المشروع الأميركي، والمشروع الإسرائيلي الذي يوظف "الخطر الإيراني" كرافعة أمنية وتبريرية للهيمنة، والمشروع الإيراني الذي يُتقن اللعب بين الخطوط، ويعيد تقديم نفسه كلاعب اقليمي لا يمكن تجاوزه.
في خضم هذه المعادلة، تحاول دول الإقليم تفكيك الرسائل وفهم حدود اللعبة: فهل ما جرى في قطر هو نهاية مرحلة ؟ أم أنه بداية لمرحلة جديدة من التفاهمات، تفاهمات لا تمر عبر طاولات التفاوض، بل عبر صواريخ "معلومة التوقيت" وذات حدود؟
في مرحلة جديدة من "الضربات المُبلّغ عنها" ، فحين تصبح الحرب مشروطة، لم تعد الحرب حربًا بالمعنى التقليدي، بل تحوّلت إلى أداة تفاوض استراتيجية، تُرسم بها خرائط نفوذ ما بعد النزاع... خرائط و كأنها تبدو أقرب مما نعتقد.
لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
|
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |