أبو حجر يكتب : تجربتي مع البرامج المباشرة


رم -

عاطف ابوحجر


في حياة كل إعلامي لحظة مفصلية لا تُنسى. لحظة تخرج فيها الكلمات من القلب قبل اللسان، ويعلو فيها نبضك على صوتك. بالنسبة لي، كانت تلك اللحظة حين أطليت لأول مرة على الهواء مباشرة عبر شاشة قناة "الحرة الأردنية"قبل ثلاثة عشر عامًا لأقدّم برنامج منوعات بعنوان "كاميرا وفنان" ولقد كنت قد شاركت في عدة أعمال تمثيلية مصورة مسبقًا، مثل الجزء الأول من الكاميرا الخفية مع الزميل ضافي العبداللات ومسلسل "هيك ومش هيك"من إنتاج التلفزيون الأردني،مع الفنان حسن سبايلة،لكن تقديم برنامج مباشر كان تجربة مختلفة تمامًا. صديقي المصور محمد سمير الزعبي اقترح عليّ أن نخوض هذه المغامرة. ورغم خوفي وترددي، وافقت.


دخلت الاستوديو في أول حلقة وقلبي يكاد يقفز من صدري. كانت الضيفة المطربة غزل سلامة يرافقها عازف أورغ. جلست أمام

الكاميرات أرتجف من هيبة الموقف. وفجأة، جاءت الإشارة عبر "الإيربيس":

"3.. 2.. هوا"

نطقت بالكلمات الأولى وشيئًا فشيئًا انطلق لساني بعفوية وثقة غريبة. شعرت أنني في مكاني الصحيح.

مرت ساعتان من البث كأنها لحظة. المداخلات، التفاعل، حماس الطاقم، كلها صنعت مشهدًا لا يُنسى. وعند نهاية الحلقة، دخل فريق

القناة بالكامل يصفق لي. لحظة فرح حقيقية.. شعرت أنني نجحت!

استمر البرنامج كل اثنين وجمعة، واستضفت فيه كوكبة من النجوم:
محمد وهيب، فؤاد حجازي، خليل رواز، رامي الخالد، سعد أبو تايه، بشير الغزالي، رأفت فؤاد، مصعب الخطيب، أحمد عبندة، هاني الأردن، طالب البشير وغيرهم ممن أعتز بلقائهم.

ثم قدمت لاحقًا برنامج "نجم على الهوا" و"أغاني العرب"على قناة شمس العرب، واستضفت فنانين رائعين أمثال:
عبدالرحيم غزلان، مازن عجاوي، سائد حتر، أمجد الخياط، فادي رأفت، محمود يوسف، بسام الرقاد، خالد أبو طير، أبو غليون.

وقدمت حلقة برنامج شقة4 مع قناة نورمينا،وبرنامج لسه الدنيا بخير مع قناة مرايا، في البرامج المباشرة، كل ثانية لها قيمة.

اللحظات قبل البث مليئة بالتركيز والتوتر والهمسات. يمر المخرج التعليمات، يتأكد الفني من الصوت، ويصطف الفريق حول الكاميرات.

لا مجال للخطأ. لا مونتاج. لا إعادة.
كل شيء حي، نابض، واقعي. وهذه هي المتعة الحقيقية.
بعد أكثر من 12 عامًا، أدركت أنني أعشق تقديم البرامج المباشرة أكثر من المسجلة. لأن الهواء يعريك.. ويصقلك.. ويكشف معدن حضورك الحقيقي.

في كل مرة يُقال فيها "3.. 2.. هوا"، أشعر وكأنني أبدأ من جديد، بنفس اللهفة.. ونفس الإصرار.

في الإعلام، هناك من يفضل الأمان، وهناك من يركض نحو الضوء. أنا اخترت أن أواجه الضوء، رغم كل الخوف في البداية. لأن الحقيقة لا تُصنع خلف الكواليس، بل تُولد على الهواء.
"3.. 2.. هوا"... وهناك تبدأ القصة،وهناك تبدأ مرحلة الثقة بالنفس وبالتالي الإبداع .




عدد المشاهدات : (4698)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :