رم - نرفع أسمى آيات الاعتزاز والفخر، في ديوان أبناء الكرك في عمان، بمواقف جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، والتي عبّر عنها بكل قوة ووضوح وشجاعة في خطابه التاريخي أمام البرلمان الأوروبي، خطابٌ ليس ككل خطاب، بل صحوة ضمير من قلب المشرق العربي إلى ضمير العالم الذي طال صمته، وتراخى ميزانه، وتشوّه مفهوم عدالته.
لقد جسّد جلالته في تلك الكلمة المشرّفة جوهر القيادة الهاشمية التي ورثت عن النبي العربي الهاشمي رسالة الحق والرحمة، ومضت بها عبر القرون تحمل راية الإنسان وكرامته، فكان حديثه لا عن جغرافيا فقط، ولا عن سياسة آنية، بل عن قيم إنسانية ومبادئ كونية تهتزّ لها ضمائر الأحرار، وترتعد لها حسابات الساكتين.
وإننا في ديوان أبناء الكرك، نُدرك جيداً رمزية هذا الموقف الذي أعلنه جلالة الملك من منبر البرلمان الأوروبي، لا سيّما في هذا الظرف الإقليمي الحرج، حيث تُرتكب المجازر وتُهدَم البيوت على رؤوس أصحابها في غزة، ويقف العالم – أو جزء كبير منه – متفرّجاً، أو متواطئاً، أو صامتاً صمت العاجز أو المتواطئ.
لقد كانت كلمات جلالة الملك، بحق، صوت كل أم شهيد، ونبض كل طفل فقد عائلته، وضمير كل إنسان حرّ في هذا الشرق الجريح. لقد قال ما يجب أن يُقال، من موقع الواثق، لا المتردد، ومن منطلق صاحب المبادرة لا رد الفعل، حاملاً لواء الأردن كما هو دائمًا: صخرةً في وجه الانهيار، وجدارًا أخلاقيًا في وجه الابتذال السياسي والإنساني.
نحن أبناء الكرك – الأرض التي لم تنحن للظلم، والتي رفدت الأردن عبر الأجيال برجالها ونسائها في الجيش والميدان، في السياسة والعلوم، في الساحات العامة والمواقف الوطنية – نرى في خطاب جلالة الملك تجسيدًا حيًّا لما نؤمن به من ثوابت، وفي مقدمتها أن فلسطين ليست قضية حدود، بل قضية حرية وكرامة، وأن الدفاع عنها هو دفاع عن أنفسنا وعن مستقبل أولادنا.
وإننا إذ نؤكد التفافنا التام حول القيادة الهاشمية، ووقوفنا خلف هذا الخطاب التاريخي وما يحمله من مضامين ورسائل للعالم، فإننا نهيب بكل أبناء الوطن، من مؤسسات مجتمع مدني، ونقابات، وبلديات، وعشائر، وأندية، ومبادرات، أن تتفاعل مع هذا الموقف وأن تحوّله إلى حالة وعي وطنية جامعة، تكرّس الأردن قلعةً للموقف الشريف، وصوتًا أخلاقيًا وإنسانيًا لا يُساوَم.
كما يدعو ديوان أبناء الكرك في عمّان كل الأردنيين، من الجنوب إلى الشمال، ومن البادية إلى الريف، ومن المدن إلى القرى، إلى الوقوف صفًا واحدًا خلف هذه الرسالة، وتكثيف الجهود الوطنية والدبلوماسية والشعبية لنصرة الشعب الفلسطيني، ولتعزيز الدور الأردني بقيادة جلالة الملك وولي عهده الأمين الأمير الحسين بن عبد الله الثاني في الساحة الدولية، باعتباره الضامن لنبض الضمير الإنساني وسط عالم تتقاذفه المصالح وتضعف فيه المبادئ.
وفي الختام، فإننا في ديوان أبناء الكرك نضع كل إمكانياتنا وعلاقاتنا ومبادراتنا في خدمة هذه الرسالة النبيلة، إيمانًا منا بأن الأردن، بقيادته وشعبه، سيبقى أمينًا على قضية الأمة، وحارسًا للقدس، وصوتًا للحقيقة، ما بقي فينا نفسٌ ينبض وكرامةٌ تهتف.
ديوان أبناء الكرك – عمّان
18 حزيران 2025