رم - تُقدم نشرة معهد العناية بصحة الأسرة (من معاهد مؤسسة الملك الحسين)، اليوم الأحد، معلومات مهمة عن مرض شوجرن (Sjögren’s Syndrome)، وهو أحد الأمراض المزمنة المرتبطة بخلل في الجهاز المناعي، ويُصنّف ضمن مجموعة أمراض المناعة الذاتية.
وتضع نشرة المعهد بين يدي القارئ تفصيلا علميا لأنواع مرض شوجرن، ومدى انتشاره، والفئات الأكثر عرضة للإصابة به، وأسبابه، وأعراضه، إضافة إلى كيفية التشخيص وطرق العلاج.
في هذا النوع من الاضطرابات، يقوم الجهاز المناعي، الذي من المفترض أن يحمي الجسم من الأمراض والعدوى، بمهاجمة أنسجة الجسم السليمة عن طريق الخطأ. في حالة مرض شوجرن، يستهدف الجهاز المناعي الغدد المسؤولة عن إفراز السوائل مثل الغدد اللعابية والدمعية، مما يؤدي إلى جفاف شديد في الفم والعينين.
تم اكتشاف المرض وتسميته نسبةً إلى طبيب العيون السويدي "هنريك شوجرن" الذي لاحظ وجود هذا النمط من الأعراض لدى عدد من النساء في الثلاثينيات من القرن الماضي. ومنذ ذلك الحين، تم التعرف على المرض بشكل أوسع كاضطراب يمكن أن يصيب مختلف الأعضاء، وليس فقط العينين والفم.
مدى انتشار المرض:
يصيب مرض شوجرن ملايين الأشخاص حول العالم، وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 90% من المصابين به هم من النساء، وغالبًا ما يظهر في منتصف العمر ما بين سن الأربعين والستين. ومع ذلك، يمكن أن يظهر المرض في أي عمر، بما في ذلك لدى الأطفال، وإن كان ذلك نادرًا. لا يُعد شوجرن مرضًا نادرًا، لكنه قد يكون غير مشخص لفترة طويلة بسبب تشابه أعراضه مع أمراض أخرى.
أنواع مرض شوجرن:
ينقسم المرض إلى نوعين رئيسيين:
1. مرض شوجرن الأولي (Primary Sjögren’s Syndrome):
يحدث بشكل مستقل دون ارتباط بأمراض مناعية أخرى.
2. مرض شوجرن الثانوي (Secondary Sjögren’s Syndrome):
يحدث كجزء من اضطراب مناعي آخر مثل:
- الذئبة الحمراء (Systemic Lupus Erythematosus)
- التهاب المفاصل الروماتويدي (Rheumatoid Arthritis)
- تصلب الجلد (Scleroderma)
ما هي عوامل الخطر لمتلازمة شوغرن؟
يمكن لأي شخص أن يُصاب بمتلازمة شوغرن، ولكن هناك مجموعات معينة من الناس تكون أكثر عرضة للإصابة بها:
- النساء: أكثر من 90٪ من المصابين بمتلازمة شوغرن هم من النساء. يمكن للرجال أن يُصابوا بها، لكن ذلك أقل شيوعًا بكثير.
- الأشخاص المصابون بأمراض مناعية ذاتية أخرى: حوالي نصف المصابين بمتلازمة شوغرن لديهم على الأقل حالة مناعية ذاتية أخرى.
- الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و55 عامًا: يمكن أن تُصيب متلازمة شوغرن أيضاً الأطفال والبالغين الأصغر سنًا أو الأكبر من 55 عامًا، لكنها غالبًا ما تتطور في هذه الفئة العمرية.
- الأشخاص الذين لديهم قريب بيولوجي مصاب بمتلازمة شوغرن: حوالي 10٪ من المصابين بمتلازمة شوغرن لديهم قريب مباشر (أحد الوالدين البيولوجيين أو الأشقاء) مصاب بها أيضًا.
أعراض مرض شوجرن:
تتنوع أعراض شوجرن، وغالبًا ما تكون خفيفة في البداية ثم تتطور مع الوقت. قد تظهر الأعراض في الجهاز الغُدّي فقط، أو تشمل أعضاء متعددة. الأعراض الشائعة تشمل:
أولًا: الأعراض الموضعية (مرتبطة بالجفاف):
- جفاف العينين: يشعر المريض كأن هناك رملًا أو جسمًا غريبًا في العين. قد تتكرر التهابات القرنية.
- جفاف الفم: صعوبة في مضغ وبلع الطعام، التهابات فطرية متكررة، تسوس الأسنان، ورائحة فم كريهة.
- جفاف الجلد والأنف: قد يعاني المريض من حكة أو تشققات.
ثانيًا: الأعراض الجهازية (تشمل أعضاء أخرى):
- التعب المزمن: وهو من أكثر الأعراض المؤثرة على جودة الحياة.
- آلام المفاصل: تيبس صباحي وأحيانًا تورم في المفاصل.
- طفح جلدي أو حساسية من الشمس.
- جفاف المهبل: لدى بعض النساء مما يؤثر على الحياة الجنسية.
- تأثيرات على الرئتين والكلى والكبد والجهاز العصبي المحيطي.
أسباب مرض شوجرن:
لا يزال السبب الدقيق غير معروف، لكن يُعتقد أن هناك مجموعة من العوامل التي قد تساهم في ظهور المرض، منها:
- الاستعداد الوراثي: وجود طفرات جينية تجعل بعض الأشخاص أكثر عرضة.
- العوامل البيئية: مثل الفيروسات التي قد تُحفّز الجهاز المناعي.
- الهرمونات: لأن نسبة الإصابة بين النساء أعلى بكثير، يُعتقد أن الهرمونات الجنسية تلعب دورًا.
كيف يتم التشخيص؟
تشخيص مرض شوجرن قد يكون معقدًا بسبب تداخل أعراضه مع أمراض أخرى. يعتمد الأطباء على مجموعة من الوسائل:
1. الفحص السريري والمقابلة الطبية: للتعرف على الأعراض العامة.
2. اختبارات الدم:
- الكشف عن وجود الأجسام المضادة مثل Anti-SSA وAnti-SSB.
- اختبار معدلات الالتهاب (ESR) أو وجود فقر دم.
3. اختبار شيرمر: يقيس كمية الدموع في العين لتحديد مدى الجفاف.
4. خزعة الغدد اللعابية: تأخذ عينة صغيرة من الغدة لتحليلها مجهريًا.
5. التصوير بالأشعة فوق الصوتية أو الرنين المغناطيسي للغدد.
العلاج:
لا يوجد علاج نهائي للمرض، لكن يمكن السيطرة على الأعراض بشكل فعّال. ويعتمد العلاج على طبيعة الأعراض وشدتها:
1. علاج الجفاف:
- استخدام الدموع الصناعية بانتظام.
- مضغ العلكة الخالية من السكر لتحفيز إفراز اللعاب.
- تناول بدائل اللعاب أو أدوية لتحفيز الغدد مثل "بيليوكاربين".
2. علاج الأعراض العامة:
- مسكنات الألم ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية.
-أدوية تثبيط المناعة مثل الهيدروكسي كلوروكوين أو الميثوتركسيت، في الحالات التي تشمل أعضاء متعددة.
- الكورتيزون في الحالات الحادة.
3. الرعاية الداعمة:
- تنظيف الأسنان بانتظام واستعمال معجون خاص.
- مراجعة طبيب العيون والأنف والأذن بشكل دوري.
- ترطيب الجو باستخدام أجهزة الترطيب في المنزل.
مضاعفات المرض:
إذا تُرك المرض دون متابعة أو علاج، فقد يؤدي إلى مضاعفات، منها:
- تسوس الأسنان وتلف اللثة.
- التهابات مزمنة في العين أو فقدان البصر الجزئي.
- زيادة خطر الإصابة بسرطان الغدد اللمفاوية (اللمفوما) بنسبة أعلى من غير المصابين.
- التهاب الكلى أو الكبد أو الرئتين.
- اضطرابات عصبية مثل التنميل أو فقدان الإحساس في اليدين والأقدام.
التكيف مع المرض ونمط الحياة:
يمكن للأشخاص المصابين بمرض شوجرن التعايش مع المرض إذا تم اتباع أسلوب حياة صحي:
- اتباع نظام غذائي متوازن ومضاد للالتهاب.
- الراحة والنوم الكافي لتقليل التعب.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لتحسين اللياقة وتقليل آلام المفاصل.
- الدعم النفسي والاجتماعي أمر بالغ الأهمية، لأن المرض مزمن وقد يسبب عزلة أو اكتئابًا