رم - آرام المصري
في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة وتزداد فيه الضغوط اليومية، تحوّلت منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها فيسبوك، إلى متنفس يلجأ إليه كثيرون للتعبير عن مشاعرهم ومشكلاتهم.
المقلق في تفشي هذه الظاهرة، هو لجوء البعض إلى نشر أسرارهم العائلية وخلافاتهم الشخصية على الملأ، ما يثير الكثير من علامات الاستفهام حول مدى تأثير ذلك على العلاقات الأسرية والمجتمع عمومًا.
وفي الوقت الذي يعتبره البعض نوعًا من الفضفضة والتنفيس عن الكبت، أو محاولة للحصول على التعاطف والنصيحة من الآخرين، يرى كثيرون أن الواقع يُظهر أن هذه التصرفات كثيرًا ما تؤدي إلى نتائج عكسية، حيث تتحول المشكلة الخاصة إلى قضية عامة، ويشارك فيها القريب والبعيد، ما يزيد من تعقيد الأمور بدلاً من حلها.
وفي ذات السياق، أشار البعض إلى أنه غالبًا ما يتحول ما يُكتب في لحظة غضب أو انفعال إلى مادة محفوظة لا تُمحى، وقد يُعاد نشره أو استخدامه لاحقًا للإساءة، مما يفتح الباب لصراعات لا تنتهي.
ونشر الخلافات العائلية على مواقع التواصل الاجتماعي لا يُقدم حلًا بقدر ما يُؤجج المشاعر السلبية ويُفقد السيطرة على الموقف، ويفتح المجال لتدخلات قد تُضاعف المشكلة بدلًا من احتوائها، خاصةً حين تأتي الحلول المطروحة من أشخاص لا يعرفون تفاصيل الواقع ولا يعيشون أبعاده.
وفي العديد من الحالات التي تم تداولها علنًا، ساهمت هذه المنشورات في تعميق الخلافات الأسرية، وأدت إلى نتائج وخيمة، حيث وصل الأمر إلى تشويه السمعة، أو تهديد الاستقرار النفسي للأطفال الذين يجدون أنفسهم وسط دوامة من الفوضى الرقمية، حيث تتحول غرفة الجلوس إلى ساحة قتال يشاهدها الآلاف.
ورغم أهمية التعبير عن الرأي والحرية في استخدام الوسائل الرقمية، إلا أن هذه الحرية يجب أن تكون مسؤولة، ويُراعى من خلالها أثر الكلمة وتأثير النشر على حياة الآخرين، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالأسرة، التي تُعد كيانًا يقوم على الثقة والخصوصية.
وفي الوقت الذي تتسع فيه مساحة التعبير على الإنترنت، يظل السؤال قائمًا: أين تنتهي حرية التعبير وتبدأ مسؤولية الحفاظ على الخصوصية؟