الدكتور صخر أحمد النسور.
العشائر ليست مجرد مجموعات سكانية تتشارك الأسماء والأنساب، بل هي روح متوارثة، ومؤسسة اجتماعية ضاربة في جذور الوعي العربي، لها شخصيتها المعنوية الحاضرة في كل مفصل من مفاصل الدولة والمجتمع. وفي الحالة الأردنية، ليست العشائر جزءًا من النسيج الوطني فحسب، بل هي النسيج ذاته، ومصدر فخر لمن أنصفها وعرف قدرها. كما قال جلالة الملك المفدى: "إن العشائر الأردنية هم أهلي وعشيرتي الكبيرة التي أعتز بها"، وليس في ذلك مجاز أو مجاملة، بل قاعدة ترتكز عليها شرعية القرب بين الراعي والرعية.
القيم العشائرية او القبلية، لم تكن يومًا عائقًا أمام التقدم، بل كانت ضامنة للاستقامة والكرامة. إنها منظومة أخلاقية راقية تنطوي على الصدق، والأمانة، والمسؤولية، والتعاون، والصلح، والعدل، والوفاء بالعهود. قيم راسخة تقوم على المحبة والتسامح في شتى مناحي الحياة. ومع كل ما جلبه العصر من تمدن وتحضّر، بقيت القبلية حاضرة، لا كمجرد انتماء، بل كجزء من الهوية الوراثية. لم تؤثر فينا سلبًا، ولم تنتقص من خصالنا شيئًا، بل ظلت القبائل والعشائر صمام أمان، وخندقًا أخيرًا للأمة والوطن في لحظات الشدة والضياع.
غير أن تيارا ممن يديرون المشهد من خلف الستارة باتوا يعبثون، لا يواجهون، ولا يصرّحون، بل يزرعون أفكارهم في الظل، ويحاولون إعادة صياغة الموروث الوطني وفق مقاسات غريبة لا تشبه هذا المجتمع. وليس الخطر في من يتحدث علنًا بحسن نية من مؤيدي التعديلات ، بل في أولئك الذين يتظاهرون بالحكمة ويخططون للهدم باسم التطوير والتجديد. يتحدثون عن الترشيد وكأن الناس ما زالوا يملكون رفاهية البذخ، بينما الواقع أن الجيوب قد أُفرغت، والأراضي بيعت، والبيوت باتت تُبنى بالدَّين والتعب، والتعليم أصبح حُلمًا مؤجلًا عند كثيرين.
حديثنا اليوم يرتبط مباشرة بما يُثار حول "وثيقة السلط الشعبية" التي وُلدت في ثمانينات القرن الماضي على يد رجالٍ عُرفوا بالحكمة وبعد النظر. وثيقة كانت تعبيرًا عن وعي ناضج، واتفاق اجتماعي متماسك، ومخرجًا عادلًا من أزمات سياسية واجتماعية آنذاك. واليوم، تُحاك حولها محاولات تقليم وتحوير، لجعل الثوب غير متسق في لونه ولا في شكله ولا في مضمونه. وما نشهده من انقسام داخل مدينة السلط ما هو إلا انعكاس لرفض شعبي صريح لهذه التعديلات التي تهدف إلى النيل من مكون أصيل من مكونات عشائرنا الأردنية الكريمة.
إلى هؤلاء نقول: كفّوا أيديكم، لا تعبثوا بالقيم، لا تمسوا آخر معاقل العز والتراحم في هذا الوطن. ولا تستّنّوا سُنّة يكون نتيجتها الحتميه تفتيت اللحمة الاجتماعية التي بقيت متماسكة رغم ضيق ذات اليد ، ورغم السياسات القاصرة التي ادت إلى رفع الأسعار حتى بتنا ننافس على المراتب الاولى بالمنطقه بارتفاع اسعار السلع المختلفه والتي هي محور اساس ضنك العيش ،وكان الأجدى أن نتنادى في السلط المُبادِره دائما لكل ما فيه الخير للوطن للبحث حول اسباب ارتفاع الأسعار والحد منها وإيجاد البدائل التي تسهم بتجويد حياة الناس الاقتصاديه واقتراح المشاريع وإيجاد فرص عمل للمتعطلين والمبادرة لعقد مؤتمر اقتصادي اجتماعي خدمة للصالح العام ، وهي جوهر الأسباب التي دعتكم لأحياء وثيقة السلط الشعبيه من جديد .
أقولها وأجري على الله، ارجوكم خلوا هالمركب ساير.
لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
|
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |