رم - تُشير الكاتبة العلمية آني ميرفي بول، مؤلفة كتاب ”العقل الممتد“، إلى أن حركات بسيطة مثل الإيماءات أو اللعب بالأصابع قد تؤدي دورًا مهمًا في طريقة تفكيرنا وتذكرنا وإبداعنا.
وبحسب تقرير نشره موقع ”MindBodyGreen“، تلفت أبحاث بول إلى أن كثيرين يغفلون الفوائد المعرفية لمشاركة الجسد في عملية معالجة المعلومات.
وتؤكد بول أن التفكير لا يجب أن يقتصر على الدماغ وحده، مضيفة أن "أجسادنا والمساحات المحيطة بنا وعلاقاتنا تمثل مصادر غنية للذكاء." وتعد الإيماءات من أبرز الأدوات التي تدعم هذا النهج، باعتبارها سلوكًا متجذرًا في تطور الإنسان.
وقالت بول في مقابلة حديثة: "يعتقد اللغويون أن الإيماءة كانت على الأرجح أول أشكال اللغة، قبل الكلمات المنطوقة." وأضافت: "ما زلنا نعتمد على الإيماءات ليس فقط للتواصل مع الآخرين، بل أيضًا لتوجيه أفكارنا وتوضيحها لأنفسنا.“
إيماءات تسبق التفكير
أظهرت الدراسات أن الإيماءات تسبق الكلمات المنطوقة بجزء من الثانية، وتوفر مؤشرات لما ينوي الشخص قوله. وعلقت بول بالقول: "بإمكاننا فعليًا استخراج المعلومات من إيماءاتنا"، مشيرة إلى أن هذه الحركات قد تساعد الأشخاص على إيجاد الكلمات أو الأفكار المناسبة أثناء الحديث أو حل المشكلات.
وقد ثبت أيضًا أن الإيماءات تحسّن القدرة على استرجاع المعلومات من الذاكرة. فقد بينت الأبحاث أن الأشخاص الذين يستخدمون الإيماءات أثناء تلقي المعلومات، في محاضرة مثلًا أو أثناء التعلم، يكونون أكثر قدرة على تذكرها لاحقًا.
كما أن الأطفال الذين يستخدمون أيديهم أثناء التعلم يحققون معدلات احتفاظ أعلى، وكذلك الحال بالنسبة للممثلين والخطباء الذين يدمجون الإيماءات في أدائهم.
وتقول بول: "كلما استخدمنا الإيماءات أكثر، تعمّق فهمنا للمفاهيم." وتدعو إلى السماح للجسد بالحركة خلال العمل أو التفكير أو الإبداع.
اللعب بالأصابع أداة معرفية
بعكس الاعتقاد السائد بأن الحركة تشتت الانتباه، ترى بول أن كبت الحركات التلقائية مثل اللعب بالأصابع قد يضر بالأداء الذهني. وأشارت إلى أن "كبت الحركة يستهلك طاقة عقلية"، لا سيما لدى الأشخاص العصبيين الذين يتكبدون تكلفة معرفية أعلى نتيجة محاولاتهم للبقاء ساكنين.
وتقترح بول أن اللعب بالأشياء أو الرسم العشوائي يمكن أن يساعد في ضبط مستوى اليقظة وزيادة الانخراط الذهني، مضيفة: "هذه الحركات قد تبدو غير مهنية، لكنها في الواقع وسيلة لدعم التركيز والإبداع.“
استعادة الحركة من أجل صفاء ذهني
تدعو بول إلى منح أنفسنا حرية استخدام اليدين والجسد أثناء التفكير أو التحدث، سواء في سياقات مهنية أو خاصة. حتى في غياب الآخرين، قد تساعد الإيماءات على تحسين الطلاقة والتعبير.
وتضرب مثالًا على مقدمي البودكاست أو المتحدثين الذين يستخدمون الإيماءات أثناء التحدث بمفردهم، قائلة: "نحن لا نرسل إشارات للآخرين فقط، بل نرسلها لأنفسنا كذلك.“
أبرز التوصيات
وتشجّع بول على استخدام الإيماءات أثناء تعلّم أو حفظ المعلومات الجديدة، وتحريك اليدين عند محاولة استرجاع معلومة من الذاكرة، كما تنصح بتجنّب كبت الحركة بهدف الظهور بمظهر رسمي أو منضبط، معتبرة أن السماح للجسد بالحركة يسهم في دعم التفكير وتعزيز الأداء العقلي.
واختتمت بالقول: "كبت الإيماءات لا يقيّد الجسد فقط، بل يقيد العقل أيضًا. عندما نسمح للجسد بأن يكون شريكًا في التفكير، نحرّر قدراتنا العقلية بالكامل."