رم - بقلم: عبد الله مصطفى السعود
في الخامس والعشرين من أيار من كل عام، يقف الأردنيون وقفة عزّة وكرامة، يحيون فيها ذكرى الاستقلال الخالدة، اليوم الذي استعاد فيه وطنهم سيادته، وترسخت فيه مكانته بين الأمم. إنها محطة مشرقة شامخة، تجسّد نضالاً طويلاً، وتروي حكاية شعب آمن بالحرية، وكتب فجر استقلاله بالتضحية والعزيمة.
في عام 1946، بزغ فجر الحرية حين أُعلن استقلال المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين، لتبدأ مسيرة الدولة الحديثة على أسس من السيادة والكرامة. لم يكن ذلك مجرد حدث سياسي، بل تحول مفصلي في تاريخ الأمة، انطلقت معه مرحلة جديدة من البناء والنهضة، بقيادة هاشمية رشيدة وشعب لا يعرف الانكسار.
ومع تسلّم الملك طلال بن عبد الله الراية، تم وضع الدستور الذي أسّس لدولة حديثة متجذّرة في القانون والمؤسسات، وتبعتها حقبة البناء والتقدم بقيادة الملك الحسين بن طلال، الذي رسّخ أركان الدولة وواجه تحديات الإقليم بثبات وحكمة.
وفي عهد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، دخل الأردن مرحلة متقدمة من الإصلاح الشامل، استناداً إلى رؤية واضحة تعزز مكانة الأردن وتحقق تطلعات شعبه، من خلال تحديث إداري واقتصادي، وتمكين حقيقي للشباب والمرأة، بما يجسّد وعياً عميقاً بالمستقبل وتحدياته.
يشكّل الشباب الأردني نبض الوطن وروحه المتجددة، حيث يبدعون في مجالات التكنولوجيا والريادة، وتُفعّل من أجلهم برامج الدعم وتمكينهم لتوفير بيئة خصبة تحقق طموحاتهم. أما المرأة الأردنية، فهي شريك أصيل في نهضة الوطن، متميزة بعطائها وإنجازاتها في مختلف المجالات، من التعليم إلى الصحة والقيادة.
وفي هذا اليوم المجيد، تتجه قلوب الأردنيين بكل فخر وامتنان إلى نشامى القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، وكافة الأجهزة الأمنية، الذين يواصلون الليل بالنهار لحماية الوطن واستقراره، ويجسدون أسمى معاني الفداء والانتماء.
وعلى الجبهة الثقافية، يواصل الأردن تأكيد حضوره الفاعل من خلال مهرجاناته الثقافية، وأعماله الفنية والأدبية التي تلامس قلوب الجماهير، وتعكس تنوّعه الحضاري وعمق هويته الوطنية. فالثقافة الأردنية، بما تحمله من إرث وتجدّد، تظل جسراً حياً بين الماضي المجيد والحاضر الواعد.
ورغم التحديات العالمية، استطاعت المملكة أن تحافظ على استقرارها بفضل سياساتها القوية، وتنويع مصادر الدخل، وتطوير قطاعات كالسياحة والتكنولوجيا. كما يُعد الذكاء الاصطناعي ومناطق الاستثمار المتخصصة من بوابات المستقبل التي يطرقها الأردن بثقة نحو تنمية شاملة ومستدامة.
وبفضل هذه الإنجازات، تبقى الوحدة الوطنية الصخرة التي تتحطم عليها كل التحديات. فقد أدرك الأردنيون، بقيادتهم الهاشمية الحكيمة، أن وحدتهم هي سر صمودهم، وركيزة مستقبلهم، وأن الوطنية هي أغلى ما يملك هذا الوطن.
إن عيد الاستقلال ليس مجرد ذكرى، بل هو عهد متجدد بالعمل والوفاء. إنه موعد سنوي نجدد فيه العزيمة على رفع راية الأردن عالية خفاقة، ونؤكد فيه أن الحرية مسؤولية نتحمّلها جميعاً لبناء وطن قوي ومزدهر.
وبمناسبة الاحتفال التاسع والسبعين للاستقلال، نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، وإلى الشعب الأردني الأبي.
كل عام والأردن بخير… وطناً شامخاً، وشعباً وفياً، وقيادة ملهمة. ولنكن على يقين أن الاستقلال ليس سيرة تُروى، بل بداية متجددة نعيشها كل عام، نحو مستقبل يليق بأبنائنا ويحقق طموحاتنا.
عبد الله مصطفى السعود
[email protected]