رم - ا. د. أمين مشاقبة
تحتفل المملكة بمرور تسعة وسبعين عاماً على الاستقلال، الذي تحققت به العديد من الإنجازات والتقدم والازدهار.
إن حامل لواء الإنجازات لهذه النهضة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين يسير على الدرب واثقاً من خطواته، حريصاً على كرامة المواطنين وعزتهم وعزة الوطن ورفعته ومُدافعاً عن كرامة الأمة وقضاياها في جميع المحافل الدولية والإقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وعروبة القدس الشريف.
إن استقلال الأردن ومرور تسعة وسبعين عاماً على تحقيقه يعني انبثاق الإرادة الوطنية الحُرَّة للبلاد وقدرتها الفعلية على اتخاذ قراراتها دون مؤثرات خارجية وتحقيقاً للمصالح الوطنية العليا. إن نشوء الأردن في عام 1921 هو انبثاق من سياق النهضة بقيادة الهاشميين، وان استقلال الأردن عام 1946 نابع من مسار النهضة الهادفة إلى التحرر والانطلاق نحو البناء والإنجاز، وتكلل الاستقلال بتعريب الجيش العربي في العام 1956 إذ تم طرد كلوب باشا وتعيين ضابط أردني قائداً للجيش.
هذه السنون مرت على الاستقلال والأردن يحقق باقتدار معادلة النجاح والاستمرار والاستقرار، فالأمن والاستقرار السياسي هو ديدن الدولة الأردنية التي تقع في محيط مُلتهب تتجاذب أطرافه وقلبه الصراعات والإرهاب والتفكك، ويتحمل الأردن انطلاقاً من عروبته وإنسانية نظامه وأخلاقية شعبه تبعات تلك الصراعات في كل من العراق وسوريا، وفلسطين وغيرها من البلاد العربية، فالأمن والاستقرار يقوم على عدة عوامل توافرت في بيئة النظام وتاريخه، وآليات عمله واعتداله في تعامله مع تلك الأزمات.
إن الاستقرار هو عملية انتقال السلطة بطريقة شرعية (قانونية) وسلمية، والاستقرار يرادف غياب العنف السياسي والنظام السياسي المستقر هو ذلك النظام الذي يسوده السلم وطاعة القانون، وتتخذ القرارات فيه بإجراءات مؤسسية والأردن عبر تاريخه السياسي عانى من حالات عدم استقرار لكن النظام حافظ على استمراريته واستقراره النسبي وبالذات في مرحلة الربيع العربي وما بعدها، وعليه فإن هناك عدة عوامل ساهمت في تعزيز الاستقرار السياسي في الدولة الأردنية وهي شخصية الملك وسلوكه السياسي، دور المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، البُنى الاجت?اعية السائدة وحالة الانسجام الاجتماعي، ومركزية النظام أثناء الأزمات ويُضاف إلى ذلك عاملان مهمان هما: ارتفاع درجة التكيّف السياسي وازدياد درجات الوعي السياسي لدى المواطن الأردني.
إن السلوك السياسي للقيادة الهاشمية مُمثلة بالملك عبدالله الثاني التي تتمتع بشرعيات عدة منها الشرعية الدينية، والشرعية القومية كقيادة للثورة العربية الكبرى وشرعية تاريخية للعائلة الهاشمية ودورها على مستوى المملكة والوطن العربي، ومن المعروف أن الملك عبدالله الثاني يمتلك إرادة سياسية قوية للإصلاح السياسي وتطوير بنية النظام السياسي القائم، وعلى الرغم من المحيط المُلتهب والأوضاع الاقتصادية السائدة إلا أن الملك يمضي قُدماً في إجراءات الإصلاح والتحديث في مختلف الجوانب.
وها هي الوثيقة المتعلقة بتحديث المنظومة السياسية تأخذ طريقها إلى التنفيذ بإصدار قانوني الأحزاب والانتخاب وهما من أهم القوانين الناظمة للحياة السياسية، واستطاعت العديد من الأحزاب وعددها (37) حزباً تكييف أوضاعها القانونية مع القانون الجديد رقم 7 لسنة 2022، وتهدف هذه لانطلاق العمل الحزبي والتأسيس للتحول نحو حكومات برلمانية، إذ تم وضع نسبة 30% من المقاعد البرلمانية (مجلس النواب لصالح الأحزاب وهي خطوة أولى نحو التحول الديمقراطي لبناء حياة حزبية سليمة تكون فيها السلطة التشريعية مُنتخبة من الشعب مُباشرة والسلطة ا?تنفيذية فيها تمثيل للقواعد الحزبية بشكل عادل.
إن الأردن يسير قدماً نحو التقدم رغم كل الصعاب والتحديات؛ دولة تقوم على أسس دستورية وقانونية ومؤسسات شرعية، وتسعى بكل جهودها للارتقاء والتقدم والازدهار..
علينا أن نسأل أنفسنا ماذا أنجزنا؟ وأين نحن؟.
إن الدولة الأردنية تمضي قدماً رغم الصعاب والتحديات من أجل تحديث سياسي ديمقراطي فيه مشاركة فاعلة لكل المكونات الاجتماعية لعملية صنع القرار واختيار الممثلين على كافة المستويات، ومما يبعث على الاطمئنان ان النظام السياسي الأردني يملك قدرات فائقة في التكيف السياسي مع المستجدات، وقادر على معالجة كل التحديات وذلك بحكمة، وعقلانية، واتزان القيادة..
كل التحية لقائد المسيرة، والشعب الأردني العظيم، حفظ الله الأردن؛ الوطن الدولة.. وكل عام وأنتم بألف خير واستقلال مجيد.