رم - أجمع سياسيون على أن الدور الأردني تجاه غزة لا يرتبط بحدث مؤقت أو موقف عابر، بل هو امتداد طبيعي لموقف وطني ثابت، تجسد عبر السنوات في مبادرات ومساهمات ميدانية مباشرة.
وأكد السياسيون في حديثهم لـ"المملكة"، أن الأردن يواجه حملات تشكيك وافتراءات منظمة تستهدف التقليل من جهوده، لكنها تقابل بإرادة رسمية وشعبية صلبة تستند إلى الشفافية والمصداقية، مشددين على أهمية مواصلة تقديم الرواية الأردنية الواضحة، وتعزيز الوعي، باعتبار ذلك أفضل رد على محاولات التشويش والإساءة.
وزير الإعلام الأسبق سميح المعايطة، أكد لـ"المملكة" أن علاقة الأردن بالقضية الفلسطينية ومساندة أهل فلسطين ليست مجرد موقف سياسي فحسب، بل تنطلق من عقيدة سياسية وطنية، وعلاقة خاصة مع فلسطين تمتد لعشرات السنين، وتتجدد مع كل عدوان أو تضييق على الشعب الفلسطيني.
وقال المعايطة، إن الأردن كان يبحث عن كل وسيلة لمساندة الشعب الفلسطيني سياسيا، وإغاثيا، وفي مختلف المجالات، مشيرا إلى أن العدوان الأخير على غزة لم يكن أول حالة مساندة؛ فقبل اندلاع العدوان كان هناك مستشفى أردني في شمال غزة لمعالجة أهلها، وبعده تم إرسال مستشفى آخر.
وأشار إلى أن الدولة الأردنية، والأردنيين، قدموا خلال شهور العدوان كل ما أمكنهم، حيث أرسلت المملكة مستشفى إلى نابلس في الضفة الغربية، كما عمل الأردن على حث الجهات الإغاثية العربية والدولية لإرسال مساعدات إلى غزة عبر أراضيه بكل الوسائل.
وحول الادعاءات والافتراءات التي تستهدف الجهد الأردني الإغاثي في دعم غزة، أوضح المعايطة أنها جزء من حملة تقودها جهات معلومة لدى الأردن منذ بداية الحرب على قطاع غزة، مضيفا أنه كلما ثبت كذب الافتراء، لجأ أصحاب تلك الحملات إلى أكاذيب جديدة.
وبين الوزير الأسبق أن تفاصيل الافتراءات كثيرة، لكن الأهم هو هدف تلك الجهات المختلفة، التي تحاول الضغط على الأردن، بهدف التشكيك بالمواقف الأردنية تجاه الأشقاء في غزة.
من جهته، قال عضو مجلس الأعيان عمر عياصرة،لـ "المملكة" إن التشكيك في الدور الذي يقدمه الأردن للأشقاء في قطاع غزة هو مسألة يتكيف معها الأردن، ولديه مؤسسية في التعامل مع ذلك.
وأشار إلى أنه بعد أحداث السابع من تشرين الأول 2023، تصاعدت محاولات التشكيك في الجهود الأردنية، معتبرا أن هذه المحاولات تعكس "حالة من الإفلاس لدى المشككين".
وأضاف أن الأردن يركز على المصالح العليا، وليس على الترف، وأن عمليات الإنزال الجوي التي نفذت كانت تهدف إلى دعم أهالي غزة، وتثبيت الفلسطينيين على أرضهم.
وأكد العياصرة أن الحملات الإعلامية ضد الأردن لن تتوقف، خاصة بعد الترتيبات الأخيرة في المشهد الداخلي، مشددا على أن مواجهة هذه الادعاءات والافتراءات تكون عبر تعزيز الوعي، وتقديم رواية أردنية واضحة تمكن الناس من التعايش مع هذا التشكيك.
بدوره، أكد الخبير العسكري الفريق المتقاعد قاصد محمود، أن الدور الإنساني الأردني في دعم فلسطين، وتحديدا غزة، هو دور ممتد منذ أكثر من 15 عاما، ولم يبدأ فقط عقب الحرب الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول 2023.
وشدد الخبير العسكري، خلال حديثه لـ"المملكة"، على أن هذا الدعم يعكس عمق العلاقة الاستراتيجية بين الأردن وفلسطين، واعتبار القضية الفلسطينية قضية أردنية بامتياز.
وأشار إلى أن الدعم الأردني لم يقتصر على الجانب الرسمي، بل شمل مؤسسات الدولة، وعلى رأسها "الهيئة الخيرية الهاشمية"، التي تتولى قيادة عمليات الإغاثة، سواء من خلال المساعدات المباشرة أو التنسيق لإيصال المساعدات العربية والدولية عبر الأراضي الأردنية إلى غزة.
وأوضح أن الأردن لعب دورا مزدوجا؛ كمصدر مباشر للمساعدات، وكممر آمن لمساعدات الدول الأخرى، في ظل ظروف الحصار والقصف والحرب.
وأبرز الخبير العسكري المخاطر الكبيرة التي يواجهها الأردن في سبيل تقديم الدعم، إذ تم إرسال مستشفيات ميدانية تحت القصف، وتعرض بعض أفراد الطواقم الطبية والإغاثية لإصابات.
وأشار إلى أن عمليات الإنزال الجوي للمساعدات نفذت بتنسيق مع سلاح الجو الملكي الأردني، وسط ظروف جوية وحربية معقدة، وشاركت فيها جهات أردنية متعددة، منها القوات المسلحة، ووزارة الخارجية، والأجهزة الأمنية.
وفي رده على الادعاءات التي طالت الهيئة الخيرية الهاشمية، أكد الخبير العسكري عدم صحة هذه الاتهامات، مشيرا إلى أن الهيئة تعمل وفق بروتوكولات دقيقة تتضمن استقبال المساعدات، وتخزينها، وتجهيزها، وشحنها، وتوزيعها، وأن الحديث عن وجود "تجارة" أو "استغلال" للمساعدات عار تماما عن الصحة.
وشدد على أن قيمة هذه المخاطرات لا تقاس بأي مقابل مادي، وأن من يشككون في هذه الجهود لا يمتلكون الحقيقة، في حين أن أهل غزة أنفسهم يدركون حجم الدور الأردني ومكانته في دعمهم خلال محنتهم.
وقال محمود، إن أي تشكيك عن دور الأردن الإنساني يعتبر حديثا لا علاقة له بالواقع، ويستهدف فقط الإساءة إلى الأردن، الذي تعود على مثل هذه الحملات المغرضة، مشددا على أنه لا يجب أن نتوقف كثيرا عند هذه الأصوات، فالصوت الحقيقي هو صوت غزة، وهم أهل غزة الذين يعلمون تماما أن الأردن يتقدم العالم كله من حيث حجم المساعدات، وأنواعها، وطبيعة الروح التي تقدم بها؛ بشكل مباشر من أيد أردنية إلى أهل غزة في هذا المصاب العظيم الذي يتعرضون له حتى الآن.
وأكد الخبير العسكري أن الشعب الفلسطيني في غزة هو الشاهد الحقيقي على حجم التضحيات الأردنية، وأن الأردن، حكومة وشعبا ومؤسسات، لم ولن يتوقف عن تقديم العون، رغم الحملات المغرضة التي تستهدفه، قائلا، إن: "الأردن لا يُستهدف إلا لأنه قوي، وهو مستمر في أداء واجبه الإنساني دون الالتفات إلى هذه الأصوات النشاز".