محمد الصبيحي

ترامب قادم لزيارة المنطقة، تسبقه دعاية لافتة تشبه تماما الدعاية لعروض الساحر العجيب على مسرح كبير، وتشد الادارة الامريكية الانظار الى (اعلان كبير يسبق الزيارة)، ربما تنزيلات تصل الى ٥٠% على المواقف المتشددة السابقة، وعروض اقتصادية مغرية.

الحروب تستنزف امريكا، واسرائيل لم تعد الطفل المدلل الشرس القادر على فرض الهيمنة في المنطقة، ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم تخدعه طلعات سلاح الجو الاسرائيلي وجرائم الحرب التي يرتكبها جنود وجنرالات الكيان، وهي في الحقيقة دليل افلاس سياسي وصراع داخلي وفشل عسكري أدركته واقتنعت به دوائر الاستخبارات الامريكية والغربية.

قلنا ان الحروب تستنزف امريكا وتفاقم أزماتها الداخلية الخطيرة بينما تواصل الصين البناء وتصنع وتتاجر وتمتد سياسيا على المسرح الظاهر وخلف المسرح وراء الكواليس مع ان اصابع مشبوهة خفية تعمل على اشعال نار تقترب من الاراضي الصينية بين الهند وباكستان.

ربما يفكر الساحر في ارباك الصين بينما يقوم هو بالتفاوض مع ايران وبناء شراكة اقتصادية واستراتيجية كبرى في الشرق الاوسط يعرف انها لن ترى النور إلا بوقف الحرب في غزة وبدء التفاوض على حل مع الفلسطينيين برعاية مصر والسعودية وقطر وترتيب أمور سوريا باشراف وضمانات تركية بعدم المس بأمن اسرائيل وامن لبنان.

لم يعد باستطاعة الرئيس الامريكي إضاعة مزيد من الوقت بانتظار انتصار اسرائيلي او انفراج روسي اوكراني، ذلك انه لم يحقق شيئا من وعوده السياسية بإطفاء الحروب ولم يحقق أي انفراج نحو السلام والاستقرار العالمي بل تسبب بكثير من الخلخلة في النظام العالمي وازعج واثار مخاوف حلفاءه الاوروبيين تارة بالأستفراد بالتفاوض مع اوكرانيا على مواردها المعدنية وتارة بفتح خطوط الحوار اللين مع روسيا واخيرا فرضه رسوما جمركية على المنتجات الاوروبية والكندية ثم انهاء عمل الوكالة الامريكية للتنمية ووقف معظم المساعدات الامريكية لدول حليفة وصديقة وكأنما يهييء للانسحاب من المسرح الدولي خارج الولايات الامريكية ولكنه يقصد العكس تماما وهو ابتزاز الاصدقاء والحلفاء معا.

كلها حركات مفاجئة محيرة ومثيرة تماما كما يفعل الساحر على المنصة حين يفاجئ الجمهور بتحويل المنديل الى حمامة.

اخر اتفاق مفاجئ مع الحوثيين بوقف اطلاق نار متبادل؟؟ انه يهيء المسرح لمفاجأة ولا يريد التنغيص على حضوره بصواريخ تمر فوق راسه من اليمن الى اسرائيل أو الى سفنه الحربية.

الجميع ينتظر ويتساءلون عن الاعلان الكبير الذي سيواكب زيارة ترامب الساحر الى المنطقة.

ولكن لا شيء مهم وكبير يمكن ان يلفت انتباه العرب والعالم إلا شيء واحد فقط وهو اعلان وقف اطلاق النار في غزة واعلان انتهاء الحرب سواء بالتفاوض على الاسرى او من خلال مشروع سلام موسع تخرج به الولايات المتحدة على العالم وتدعمه بقوة وفعالية وهو وحده الحدث الذي سيغير مسار الاحداث والمنطقة والعالم.

المصريون والقطريون اعلنوا امس ان جهودهم التفاوضية بين المقاومة وأسرائيل ما زالت قائمة وهذا مؤشر مهم.

جلالة الملك في زيارة للولايات المتحدة وبلا شك سيعرف مسبقا وقبل الاخرين ما ينوي ترامب تقديمه في المنطقة وما يريد أخذه منها.
ومهما كان الامر فإن المؤكد أن نتنياهو وطاقمه المتطرف سيكونون اول الشخصيات التي ستغيب عن المسرح وتدفع ثمن اخفاقاتها وجرائمها بشكل أو بأخر.