المرأة الأردنية في السياسة: تحديات الإنجاز وآفاق المستقبل


رم -

المرأة الأردنية في السياسة: تحديات الإنجاز وآفاق المستقبل

تحت سماء الأردن الواسعة، وبين صفحات التاريخ والمستقبل، تخوض المرأة الأردنية معركة مزدوجة: تثبيت حضورها السياسي من جهة، ومواجهة التحديات الاجتماعية والثقافية من جهة أخرى. ليست معركة بالمعنى الحرفي، بل هي مسيرة طويلة نحو إثبات الذات، وإعادة تشكيل التصورات التقليدية حول الدور السياسي للمرأة في مجتمع محافظ بطبيعته. فهل وصلت المرأة الأردنية إلى مبتغاها؟ أم أن الطريق لا يزال طويلاً؟

واقع المشاركة السياسية للمرأة الأردنية

منذ بداية التسعينيات، بدأت المرأة الأردنية تأخذ خطوات مترددة ولكن ملموسة في المشهد السياسي. لقد جاء دخول المرأة إلى مجلس النواب لأول مرة عام 1993 كبداية رمزية لتحول نوعي، إلا أن الطريق لم يكن مفروشاً بالورود. فحتى عام 2023، لم تتجاوز نسبة النساء في مجلس النواب الأردني 15%، بالرغم من تخصيص "كوتا نسائية" منذ عام 2003.

ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن المرأة الأردنية أثبتت كفاءة لافتة في المناصب الوزارية، الإدارية والدبلوماسية. في حكومة بشر الخصاونة على سبيل المثال، بلغت نسبة النساء الوزيرات حوالي 18%، وهي نسبة لا تزال دون الطموح، لكنها تفوق بعض الدول المجاورة. التمثيل لا يعكس فقط الأرقام، بل يعبّر عن تحولات تدريجية في العقل الجمعي تجاه قبول المرأة في مواقع القرار.

التحديات: أكثر من مجرد معوقات سياسية

الحديث عن التحديات التي تواجه المرأة الأردنية في السياسة لا يُختزل في رقم أو قانون. هناك تحديات ثقافية مترسّبة في عمق الوعي الجمعي، تبدأ من المنزل، وتمتد إلى المؤسسات، مروراً بالإعلام والنظام الانتخابي نفسه.

  • الثقافة الذكورية لا تزال تسيطر على أجزاء واسعة من المجتمع الأردني. المرأة التي تخوض الانتخابات تُواجَه أحياناً بتهميش أو تقليل من شأنها، وتُصوَّر على أنها غير قادرة على اتخاذ القرار.
  • العنف السياسي الموجه ضد النساء، وإن لم يكن ظاهراً بشكل كبير، إلا أنه حاضر بصور غير مباشرة: حملات تشويه على وسائل التواصل، تنميط إعلامي، وضغوط اجتماعية ونفسية.
  • التمويل الانتخابي عقبة حقيقية أمام المرشحات. النساء غالباً لا يحظين بنفس الدعم المالي الذي يحصل عليه الرجال، سواء من الأحزاب أو رجال الأعمال أو حتى العائلات التقليدية.
  • القوانين الانتخابية نفسها لا تزال تُنتقد لكونها لا تُشجّع على التنافس الحقيقي وتضعف فرص النساء في الفوز خارج نطاق الكوتا.

عالم النساء ينقسم إلى فئتين: أولئك اللواتي يقبلن بالدور التقليدي، وأولئك اللواتي يسعين إلى التغيير. الضغط الذي تتعرض له النساء من قِبل المجتمع يفوق ما يتعرض له الرجال. ومع ذلك، تفضّل كلتا الفئتين من النساء تجنّب الصراع عندما يكون بالإمكان تفاديه. وبنفس المنطق، من الأسهل تحميل تطبيقات VPN لأجهزة الكمبيوتر بدلاً من خوض معركة مع القراصنة لحماية البيانات الشخصية. من دون تطبيقات VPN أو عند استخدام خدمات ذات جودة منخفضة، تصبح المسألة بمثابة يانصيب؛ من الصعب التنبؤ متى سيقع "تذكرة الخسارة" في يدك. بفضل خدمة VeePN، يمكن تجنب هذا المصير. ورغم أن VeePN لا يوفر حماية كاملة من جميع التهديدات الرقمية، إلا أنه قادر على تجاوز ما يقارب 85% منها.

نقاط ضوء وإنجازات ملموسة

رغم الصورة القاتمة في بعض الجوانب، هناك نماذج مشرقة لا يمكن تجاهلها. شخصيات نسائية برزت في الساحة الأردنية ونجحت في ترك بصمة واضحة، مثل توجان فيصل، أول امرأة تفوز بعضوية مجلس النواب، وسامية محاسنة، أول سيدة تُعيّن عضواً في المحكمة الدستورية.

تشير أرقام دائرة الإحصاءات العامة إلى أن نسبة النساء الحاصلات على تعليم جامعي في الأردن تفوق الرجال بنسبة 4%، مما يشير إلى أن الكفاءة ليست عائقاً. إضافة إلى ذلك، فإن 35% من العاملين في القطاع العام هن من النساء، لكن تمثيلهم في المواقع القيادية لا يتجاوز 12%.

ن، هناك فجوة واضحة بين المؤهلات والفرص، وهي فجوة ناتجة عن منظومة متكاملة من التحديات. ومع ظهور الإنترنت، أصبح الوصول إلى المعلومات شبه غير محدود. وإذا تم استخدام VPN آمن لنظام iOS، يمكن حتى تجاوز القيود الجغرافية والوصول إلى المعلومات في دول أخرى حول العالم. ومع وجود الإرادة، فإن النتائج لن تتأخر في الظهور.

آفاق المستقبل: بين الحلم والواقع

إعادة صياغة مستقبل المشاركة السياسية للمرأة الأردنية لا يمكن أن تتم دون إعادة نظر جذرية في البنية الثقافية والتعليمية والتشريعية. يجب أن نبدأ من المدارس، حيث تُزرَع بذور الفكر، لنعلم الفتيات أن السياسة ليست حكراً على الرجال، ولنعلم الفتيان احترام الدور النسائي في صناعة القرار.

هناك حاجة ماسة إلى:

  1. إصلاحات قانونية تدفع باتجاه تمكين النساء خارج الكوتا، وتشجع الأحزاب السياسية على تبني نساء قياديات.
  2. تعزيز الإعلام الإيجابي الذي يظهر النماذج النسائية الناجحة دون تنميط أو تشويه.
  3. برامج دعم وتمويل خاصة للمرشحات، توفر لهن الموارد اللازمة لخوض معركة الانتخابات بثقة واستقلالية.
  4. تفعيل دور المجتمع المدني الذي يمكنه أن يلعب دوراً رقابياً وتحفيزياً في الوقت ذاته.

خاتمة: الطريق لا يزال طويلاً، لكنه ليس مستحيلاً

المرأة الأردنية اليوم ليست كما كانت قبل عقدين. صحيح أن الطريق لا يزال محفوفاً بالعقبات، لكن الوعي يتغير، والأرضية تتحرك، وإن ببطء. المشاركة السياسية للمرأة ليست ترفاً ولا استجابة لضغط دولي، بل هي ضرورة داخلية لبناء مجتمع متوازن، يُشرك جميع مكوناته في صناعة القرار.

قد لا نرى ثمار هذه التحولات بشكل كامل في السنوات القليلة القادمة، لكن المسار بدأ، ومن يراقب التاريخ يعلم أن التغيير يبدأ بحركة، ثم فكرة، ثم إيمان جماعي بأن السياسة ليست حكراً على أحد، وأن الوطن لا يكتمل صوته إلا بنصفه الآخر: المرأة.




عدد المشاهدات : (4438)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :