(ماتت الضحكة)


رم - -بقلم: عاطف أبوحجر

- في وقتٍ تتصاعد فيه ضغوط الحياة اليومية على المواطن الأردني، تصبح الكوميديا أكثر من مجرد ترف أو تسلية، بل حاجة نفسية واجتماعية، تُخفف الهم، وتبث الأمل، وتعيد الروح وسط ازدحام التوتر والمعاناة.
لكن للأسف، ومع مرور السنوات، تراجعت الكوميديا الأردنية حتى كادت تختفي من المشهد الفني، في غياب شبه كامل للإنتاج والدعم، رغم أنها كانت لسنوات الواجهة التي تُعبّر عن الناس بلهجتهم وروحهم.

زيارة وزير الثقافة الأستاذ مصطفى الرواشدة للفنان القدير ربيع شهاب – الذي نتمى له الشفاء العاجل – كانت لفتة كريمة تحمل رمزية كبيرة: فالدولة ما زالت تتذكّر الرواد وتُقدّر أثرهم. لكن هذه اللفتة يجب ألا تبقى رمزية. المطلوب فعل حقيقي، ودعم منظم يُعيد للكوميديا مكانتها ودورها.

إننا نُشيد بدور نقابة الفنانين الأردنيين التي ما زالت تتحمّل هذا الهمّ بصبر ومثابرة، وتتابع شؤون فنانيها، وتدافع عن قيمة الفن الكوميدي كجزء من هوية المجتمع.
كما نوجّه دعوة صريحة إلى التلفزيون الأردني، ليعيد فتح نافذته للكوميديا، ويمنح هذا اللون الفني مساحة حقيقية على شاشته، تمامًا كما فعل في الماضي حين صنع نجوماً تجاوز أثرهم حدود الأردن.

الكوميديا الأردنية لم تكن يومًا شكلًا فارغًا من المضمون، بل كانت مرآة ذكية، نقدًا راقياً، ولغة قريبة من الناس. أين حسين طبيشات؟ محمود صايمة؟ زعل وخضرا؟ وأين جيل جديد يحمل الشعلة؟ لماذا لم يتم بناء جيل لاحق يعبر عن مجتمعنا بلهجة اليوم؟

على وزارة الثقافة أن تتحرك، لا بمنطق المناسبات، بل ضمن خطة واضحة تشمل:

تمويل وإنتاج أعمال كوميدية حقيقية تعكس واقع الناس.

فتح شراكة مباشرة مع التلفزيون الأردني لعرض هذه الأعمال.

دعم الطاقات الجديدة من شباب الكوميديا في الجامعات والمسرح والمحتوى الرقمي.

تنظيم مهرجانات ومسابقات تبرز الإبداع المحلي وتكافئه.


الكوميديا ليست لونًا ثانويًا، بل هي صوت الناس حين لا يجدون من يسمعهم، وهي متنفس وطني لا يقل أهمية عن السياسة أو الاقتصاد.

ونعيد التذكير، أن الدراما الأردنية كانت مصنعًا للنجوم في العالم العربي، والمطلوب اليوم أن نستعيد هذه المكانة، لا بالبكاء على الأطلال، بل بالفعل، والدعم، والإيمان بأن ضحكتنا الوطنية تستحق الحياة.

"ماتت الضحكة"؟ ربما… لكن إحياءها ليس مستحيلاً. فقط إن تحرّكنا الآن.



عدد المشاهدات : (5237)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :