التراث الثقافي: حدثان: من حرثا إلى حكما


رم -

بقلم: د. ذوقان عبيدات



​يهتم الأفراد، كما الشعوب بحفظ التراث الثقافي الفردي والجمعي. فعلى المستوى الفردي يعيش الإنسان حالة دائمة من"النستولوجيا ": الحنين للماضي، كما يظهر في حبنا السياحة التراثية، والعودة إلى بيوتنا القديمة، وحاراتنا، ومدارسنا…إلخ.

​وعلى المستوى الجمعي، يحنّ المواطن إلى حضارته، وتاريخه، وأدوات أجداده، وآثارهم، وطرق عيشهم. ومن هنا، تأتي أهمية المحافظة على التراث بنوعيه: المادي، وغير المادي، وليس تغزّل الشعراء في مطلع قصائدهم سوى مظهر من الوقوف على الأطلال، والطلول سواء أكانت حجارة، أم أثاثًا، أم بقايا موقد! ولزهير حضور في معلقته: أثافيَّ سُفْعًا في مُعَرَّسِ مِرْجَلٍ!!





(01)

لجنة التراث: اليونسكو

لعل من أبرز المنظمات الدولية التي تُعنى بالتراث الثقافي هي منطمة اليونسكو، ممثلة بلجنة المحافظة على التراث الثقافي، وحمايته من التهديدات الطبيعية، والبشرية! فكم من دار قديمة فرّط بها الورثة، فهدموها ليبيعوها أرضًا غالية الثمن! وهكذا خسرت الشعوب جزءًا من تراثها؛ نتيجة للّحاق بركب الحياة الجديدة!

​علمتنا اليونسكو أن التراث الثقافي حيّ ونامٍ، ولا يموت، لذلك لا نقول: "إحياء التراث "، بل نقول: الحفاظ على التراث، وليس إحياءَه!. كما علمتنا تقنيات صيانة التراث باستخدام المواد نفسها، وحمايته من الزحف الحضري، وسائر التهديدات البيئية. وما زلت أذكر أن شروطهم لوضع مدينة جرش على قائمة التراث هي هدم العمار حول آثارها بقطر يزيد عن كيلومتر واحد، وهدم الشوارع المعبدة التي تقود إليها. فالتراث يجب أن يبقى كما هو؛ ليقودنا إلى الجو النفسي والمادي نفسيهما اللذين ضمّا مختلف الأحداث.

​وقد اطّلعت مؤخرًا على تجربتين رائدتين في حفظ التراث: التجربة الأولى في صيانة مضافة الشيخ قويدر عبيدات في بلدة حرثا من قبل حفيديه: عوني القويدر، وعلاء القويدر. والأخرى في حفظ تراث بلدة حكما، وبناء "خان شمال" من قبل ابن حكما المهندس منذر بطاينة، والذي قاد مشروعين ضخمين في مجال التراث الثقافي. وقد سبق أن كتبت عن مشروع المبدعَيْن: عوني، وعلاء في صيانة مضافة قويدر. وأخصّص الحديث الآن عن مشروعَي منذر بطاينة.





(02)

خان شمال، وبلدة حَكَما

​" خان شمال" هو بناء معماري مستلهَم من ثقافة الأجداد، تشعر وكأنك في قرون مضت، فحجارته لها تاريخ، بل وتنتسب إلى أفكار وأشخاص. وشكله يدخلك في إحدى القلاع التاريخية، التي ضمّت رُكنًا للشاعر عرار، ورُكنًا للشاعر نايف أبو عبيد، وأركانًا أخرى عديدة! مشروع ثقافي بامتياز.

​أما المشروع الآخر، فهو رسم تمثيلي لتاريخ بلدة حكما، ومضافاتها، ودكاكينها، وخاناتها، وأسواقها مستندًا بذلك إلى شهادات حيّة من كبار السنّ في القرية، والذين كانوا يصِفون كل بيت، وطرق الوصول إليه، وباحاته، وشبابيكه بما يجعلك تشمّ رائحة القهوة، ودقة "المهباش" الصادرة من شبابيك تلك المضافات!

عمل تطوعي، وبمبادرة فردية لا تحتملها سوى هِمَم عالية كهِمَم أجدادنا!



(03)

جزاء سِنمّار!!

أعمال عوني القويدر، وعلاء القويدر، وعملا منذر بطاينة، عكست روحًا أردنية عربية سامية.

أعمال وطنية، بل تاريخية!

إذا كانت الأوسمة لا يستحقها هؤلاء الرجال، فلِمَن تُعطى إذن؟؟!!

هل يكون نصيب كلّ منهم ما لقيه سِنمّار؟؟

فهمت عليّ جنابك؟ّ!!



عدد المشاهدات : (4529)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :