رم - قال شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في سوريا، الشيخ حمود الحناوي، إن الوطن فوق جميع الاعتبارات، محذرًا من محاولات ممنهجة لإثارة الفتن الطائفية وزرع بذور الانقسام داخل المجتمع السوري، داعيًا الدولة إلى تحمل مسؤولياتها الكاملة في حماية أبنائها، ومواجهة الاعتداءات بكل حزم، والحفاظ على وحدة الأرض والشعب.
وأكد الحناوي في حوار مع "إرم نيوز"، أن الطائفة الدرزية كانت وستبقى جزءًا أصيلًا من النسيج الوطني السوري، حريصة على السلم الأهلي والدفاع عن كرامة المواطن.
وتاليًا نص الحوار:
بعد أحداث السويداء وصحنايا.. كل الاحتمالات مفتوحة على سوريا، كيف تتوقعون رد فعل دمشق خاصة أنكم بادرتم إلى التهدئة؟
أحداث جرمانا والسويداء وصحنايا والأشرفية، من وجهة نظرنا، هدفها إثارة النعرات الطائفية والحرب الطائفية في سوريا. ومن واجب الدولة أن تقوم بدورها لمنع مثل هذه الفتن. ونحن قمنا بواجبنا وتحملنا تبعات الأحداث المؤسفة التي أدت إلى استشهاد الكثير من أبنائنا والضرر في ممتلكاتهم وفي أوضاعهم عمومًا، إلى جانب حملة الاعتقالات التي طالتهم.
لذلك فإن هذه الحالة تتطلب من الدولة أن تضع حدًا لهذه الفتن وتعمل على رد الاعتداءات عن المواطنين، خاصة أننا طائفة مسالمة لم ولا نعتدي على أحد أبدًا.
وبدورنا نريد الأمن والأمان في الجمهورية العربية السورية. وما نراه اليوم أن هناك مجموعات مغالية تدعو إلى التمييز العنصري وإلى النعرات الطائفية، ويجب وضع حد لكل من يثير هذه المسائل التي تعرقل مسيرة الدولة بالدرجة الأولى، فالواجب على الدولة أن تحمي مواطنيها من هذه الأحداث.
نحن وقفنا على هذه الأحداث وعرفنا سلبياتها وإيجابياتها وعرفنا أيضًا الدور الذي قام به المتسببون في هذه الأحداث المؤسفة، لذلك تحملنا وصبرنا من أجل استتباب الأمن في الوطن وإتاحة الفرصة للدولة أن تقوم بدورها.
427ab254-7be4-4a6b-9f69-5e06ebb21958
كيف تعلقون على موقف دروز فلسطين.. وهل ترى مشايخ الدروز أن هناك من يدفع باتجاه التقسيم؟
أهلنا في فلسطين هم أبناء عمٍّ لنا وأقارب، والقضية الفلسطينية والصراع بين العرب واليهود منعت التواصل بيننا وبينهم منذ العام 1948. لنا أقرباء وروابط أسرية متينة العُرَى، والأسلاك والحواجز السياسية لا يمكن أن تمنع التواصل بين رابطة الدم والأهل والأسر، وأبناء العمومة.
الأحداث السياسية والحروب منعت هذا التواصل، ولكنها لا تمنع الشعور المتبادل بين ذوي القربى، فهم أهلنا، وأبناء عمومتنا، ويوجد أسر منها في سوريا ومنها في فلسطين، لذلك إذا تألمت أي أسرة أو تعرض أهلنا في فلسطين وسوريا ولبنان وفي الأردن لأذى فالمشاعر لا تمنع من السؤال عن أحوالهم لأننا جميعنا أهل، فالصراعات والحروب والسياسة لا تمنع هذا الأمر.
ودروز فلسطين هم أهلنا وأقرباؤنا وهم عرب وموحدون ومسلمون، وقد تشبثوا بالأرض وحافظوا عليها، وبطبيعتنا نتشبث بأرضنا، نموت ولا نترك أرضنا، لذلك فالخلافات بين الدول والعداء لا تمنع التواصل بين الأهل بأي شكل من الأشكال، أما إذا حدثت أمور سياسية أو غيرها فلا شأن لنا بها ولسنا مسؤولين عنها.
هل من الممكن أن تساهم هذه التوترات على شدتها في نزع فتيل التدخلات الخارجية والحفاظ على شؤون السويداء الداخلية؟
السويداء مدينة الصخرة المعاندة في وجه الأعداء والمستعمرين على مر العصور، وهي مدينة الحجر المقصوب في مسيرة البناء والتعمير، لذلك جعلنا من هاتين المقولتين وبنينا عليهما تاريخ جبل العرب وتاريخ السويداء ولنا تضحيات وتاريخ كبير، ولكن الذي يجري الآن في الوطن العربي من نعرات طائفية ومن خلافات مذهبية ودينية تثير الحروب بين الطوائف وبين العرب أنفسهم، وهذه أمور نحن براء منها، وأمام الخلافات المذهبية والتعديات والدعوة إلى التفرقة نحن ندعو إلى الاعتصام بحبل الله وألا نتفرق أبداً.
لكن ما يجري على الساحة العربية بشكل مؤسف من تمزق ومن اختلافات وعدم تعاون الدول العربية كان سببًا في تقسيم الدول العربية وتخلفها عن الركب الحضاري العالمي، لذلك ندعو جميع العرب وجميع المسلمين، وندعو السوريين بشكل خاص إلى أن يترفعوا عن هذه التفاهات وهذه القضايا الرخيصة التي تفكك الشعب وتعمل على إثارة النعرات والحرب الطائفية، فكفانا حروبًا واقتتالًا وتكفيرًا وكفانا تفرقًا.
علينا أن نعيش بأمان وطمأنينة وأن نحب بعضنا ونوحد قلوبنا وكلمتنا؛ لأن هذه الأمور السابقة تقود إلى التخلف والكراهية وإلى الأحقاد وإلى الدمار لوطننا الذي لا يستحق منا إلا البناء والتعمير وبناء الإنسان وبناء الوطن الذي نتطلع إليه.
ما رسالتكم إلى الإدارة السورية الجديدة؟
رسالتنا إلى الإدارة السورية الجديدة هي أن نبني وطنًا حضاريًا مدنيًا يحترم الإنسان ويحترم التعدد ويحفظ حقوق المواطنين ويستفيد من أخطاء العهود الماضية التي مرت على الوطن، وأن يعلموا أن الوطن فوق جميع الاعتبارات.
ونحن كشعب ورجال دين من مهامنا أن نتعاون معهم وأن نقدم دائمًا النصيحة لهم. والحاكم يجب أن يضع أمامه رسالة عدل؛ لأن العدل أساس الحكم.ارم