رم - عصام قضماني
يقول وزير الخارجية الأميركي أنه يجب إجبار روسيا على دفع ثمن ما دمرته في أوكرانيا..!
حسنا لكن ماذا بشأن ما دمرته إسرائيل في غزة؟.
هذه التصريحات تكرس مجدداً ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين وهي السياسة التي ميزت الإدارة الأميركية نفسها كقوة عظمى غير نزيهة بل منحازة تمام لتغييب العدالة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل!.
لا تشير واشنطن ولا أيا من العواصم الغربية إلى مسؤولية الدمار الذي سببته آلة الحرب الإسرائيلية في غزة، وأي هذا فحسب بل أنها تخطط لتحميل الدول العربية تكلفة إعادة الإعمار وتغفل أمام تحميل إسرائيل الثمن!
هذا الموقف المزدوج ليس فقط لأن إسرائيل فعلت ذلك بأسلحة الدمار الأميركية بل أيضاً لأن الإدارة الأميركية لا تجرؤ على إغضاب إسرائيل وترى أنها على حق في التدمير والقتل والتهجير والتشريد.
فور بدء الحرب الروسية الأوكرانية سارع حلفاء الأخيرة إلى تجميد أصول روسية تتجاوز أكثر من 200 مليار يورو في الاتحاد الأوروبي، وقررت فوراً البحث عن سبل لاستخدامها في إعمار أوكرانيا.
ليس هذا فحسب بل أن الولايات المتحدة وأوروبا معها حملوا روسيا مسؤولية إعادة إعمار المناطق المدمرة في أوكرانيا. هل يختلف الوضع المشار إليه آنفاً عما جرى في غزة؟.
إسرائيل دمرت عمداً البنية التحتية في قطاع غزة، وأتت القنابل على ٦٠٪ من الأبنية المدنية، ودمرت المستشفيات والطرق والكهرباء والاتصالات وغيرها من البنى التحتية التي لا صلة لها بأية أهداف عسكرية.في الحرب الروسية الأوكرانية سارع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى اتهام روسيا في تدمير أوكرانيا وحملها كلفة إعادة إعمارها، بينما في حرب غزة لم يفعل، وهو لن يفعل على اعتبار أن البنى التحتية في غزة هي أهداف مشروعة.
آنذاك انضمت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إلى هذا الموقف وقررت تحميل روسيا مسؤولية إعمار أوكرانيا.وذهب رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إلى ما هو أبعد عندما دعا للتنسيق مع الحلفاء بشأن استخدام أصول روسية مجمّدة تنفق في إعادة إعمار اوكرانيا.لم ينبس أحد ببنت شفة بل أنه لم يجرؤ أحد على تحميل إسرائيل مسؤولية مماثلة فهي في موقف الدفاع عن النفس، مع أن الظروف تكاد تكون مشابهة، فروسيا انطلقت إلى الحرب بزعم اعتداءات اوكرانيا المستمرة على المناطق الحدودية في الجمهوريات المستقلة، وكذلك زعمت إسرائيل، مع ذلك فان المجتمع الدولي يمارس في هذه المسألة ازدواجية المعايير «بوقاحة»، بينما يتجاهل عشرات الآلاف من الضحايا الذين سقطوا في غزة وهم من المدنيين العزل، كان يتباكى على مدني سقط في أتون المعارك في أوكرانيا، مع الإشارة إلى أن الفارق كبير جداً جداً.
إعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية في غزة هي مسؤولية إسرائيل ومن يزودها بالسلاح، كما أنها مسؤولية من منحها الغطاء لارتكاب هذه الجرائم. لا شيء يعوض الدماء التي أريقت، لكن القانون الدولي يمنح الحق بمطالبة المجرم بتعويض الضحية.
إذا كان من واجب فهو ملاحقة إسرائيل في المحاكم والمحافل الدولية لتتحمل مسؤوليتها في إعادة إعمار ما دمره جيشها وتعويض المدنيين عن الأضرار في الأرواح والممتلكات.