حابس المجالي .. الذاكرة العسكرية - بورتريه


رم -

كتب : هشام عودة


ربما يكون المشير حابس المجالي أشهر ضباط الجيش العربي وأكثرهم حضوراً في الذاكرة الشعبية والعسكرية الأردنية، ورغم أنه تقاعد من وظيفته العسكرية عام ۱۹٦٧ ، إلا أنه لم يغادر ميدان الفعل بشقيه العسكري والسياسي حتى وفاته، وظل حاضرا في مقدمة المشهد العام.

أكثر من مرة تسلم فيها المشير المجالي منصب القائد العام للقوات المسلحة الأردنية، كانت أولها بعد انهيار الاتحاد العربي الذي ضم الأردن والعراق عام ١٩٥٨ ، وكذلك عام ١٩٦٥ ، قبل أن يسند إليه الرئيس بهجت التلهوني منصب وزير الدفاع بعد هزيمةحزيران عام ١٩٦٧، لتكون في مقدمة أولويات وظيفته الجديدة إعادة بناء الجيش العربي، ليتم اختياره عشية أحداث أيلول ۱۹۷۰ حاكماً عسكرياً.

حابس المجالي المولود في معان عام ١٩١٠ ، تفتح وعيه السياسي والاجتماعي مع إعلان تأسيس الكيان السياسي الأردني مطلع عشرينيات القرن الماضي، وبعد أن أنهى دراسته في ثانوية السلط مثل أبناء جيله في ذلك الوقت التحق بصفوف الجيش العربي، ويكاد أبو سطام لم يعرف له حياة خاصة خارج ثكنات الجيش الذي أصبح قائداً له، وقضى في صفوفه ما يقرب من نصف قرن.


تشير السيرة العسكرية للمشير الراحل أنه قاتل مع زملائه ضباط الجيش العربي وجنوده في معارك فلسطين عام ١٩٤٨ ، وحفظت ذاكرته جيدا تفاصيل معارك اللطرون وباب الواد وغيرهما، وهي معارك اتسمت بالدفاع عن عروبة القدس التي استحق عليها وسام حرب فلسطين، وكذلك مشاركته في المعارك اللاحقة التي خاضها الجيش العربي في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وكان أحد أبرز أركان القيادة العربية للجبهة الشرقية التي تشكلت برئاسة الفريق علي علي عامر عشية عدوان حزيران عام ١٩٦٧.

عند إعلان قيام الاتحاد العربي بين الأردن والعراق، أصبح الضابط الاردني حابس المجالي قائداً عاما للقوات الغربية حتى آب ۱۹۵۸ ، وهو منصب جاء إليه من موقعه كرئيس الأركان الجيش العربي آنذاك خير موقع لم يكن غريبا على ضابط أردني تدرج بالرتب والمسؤوليات منذ عام ١٩٣٢ حتى تقاعده.

خدم حابس المجالي في صفوف الجيش العربي في عهد الإمارة وعهد المملكة، أي في عهد الملك المؤسس هزين والملك طلال والملك الحسين، ومثلما أصبح كبيراً لمرافقي الملك المؤسس بعد نكبة فلسطين، أصبح كذلك كبيراً لأمناء الملك الحسين ومستشاره العسكري، واجتاز أبو سطام أثناء خدمته العسكرية عدداً كبيراً من الدورات المتخصصة التي أهلته لمواقع القيادة في الجيش، وكان يتقن اللغة الإنجليزية بطلاقة، وقد تعدت جابر رئيس مقدم إعادة شهرته وعلاقاته حدود الاردن.

أحد أبرز رجالات الأردن في القرن العشرين، هكذا يمكن وصف سيرة المشير حابس المجالي، الذي ستذكر الوثائق الرسمية إلى جانب اسمه، أنه الوحيد في الأردن الذي صدر له نظام خاص، سمي بنظام المشير، وهو النظام الذي سمح له بالتمتع بامتيازات وظيفته العسكرية حتى وهو خارج إطار الخدمة الفعلية.

الذين تعرفوا إلى المشير المجالي استمعوا منه في لحظات صفاء إلى قصائد بدوية جادت بها قريحته وهي قصائد لم تعترف بالصرامة العسكرية، بل كانت رقيقة وشفافة، كما كان المشير الراحل مولعا بتربية الخيول العربية ويعرف أنسابها جيداً.

سنوات عديدة ظل فيها أبو سطام عضوا في مجلس الاعيان وعندما توفي في الرابع والعشرين من نيسان عام ۲۰۰١ ، كان عضواً في المجلس، ويعرف العمانيون بشكل خاص، والأردنيون عموما، أن منزله الواقع على أطراف دوار الداخلية، شهد الكثير من اللقاءات والاجتماعات المهمة التي ناقشت شؤون السياسة والعسكر، وهو منزل تملكته بعد وفاته أمانة عمان الكبرى، ليصبح التاريخ الشخصي والمهني للمشير جزءاً من تاريخ العاصمة.

أوسمة أردنية وعربية وأجنبية رفيعة تقلدها المشير حابس المجالي في مسيرته التي امتدت قرابة تسعين عاماً، من أبرزها أوسمة النهضة والكوكب والاستقلال الأردنية من الدرجة الأولى، ووسام الاستحقاق السوري والرافدين العراقي والأرز اللبناني وأوسمة أخرى من الصين وإيران وغيرهما.




عدد المشاهدات : (14190)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :