"ياريتني متت ولا ورطت ابني بعلاجاتي" هذا ما قالته أم جواد الستينية وهي تصف الحال التي وصل لها ابنها بعد تراكم الديون وتعثره مالياً.
جواد الأربعيني الابن الوحيد لوالديه والمعيل لهما، أصيب والده بعدة جلطات في الدماغ، بينما كشف حادث سقوط والدته على ظهرها عن إصابتها بمرض السرطان في العامود الفقري، لتبدأ أولى خطواته بالتعثر.
لم يجد جواد حلا لعلاج والديه إلا عن طريق القروض البنكية, بسبب كلف العلاج والأشعة المرتفعة, كما وجد نفسه أيضاً متورطاً مع شخص يمنح المال مقابل فوائد بقيمة 5 آلاف دينار كانت تتزايد في كل مرة بحسب ماتروي أم جواد .
"أخذ من ابني مصاري أكثر من اللي أعطاه إياهن ورطه بكمبيالة ربوية عدا عن البنكين اللي رافعين عليه قضية وزادوا الفوائد" تقول الأم بشيء من الوجع.
جواد واجه عقوبة السجن لكنه خرج بعد تفعيل أمر الدفاع 28 المتعلق بحبس المدين, ويعمل موظفاً في إحدى الشركات يتقاضى راتبا مقداره 400 دينار أردني فيما يتعثر بسداد قروض قيمتها 13 ألف دينار, إضافة لمصاريف تتعلق بحاجيات طفلته وزوجته المتواجدتين في الكرك والتي لا يطل عليهما إلا يوماً واحداً في حين يبقى في العاصمة عمان باقي أيام الأسبوع لرعاية والديه, ويزيد على ذلك إيجار منزلين في عمان والكرك.
أم جواد أنهت حديثها بسؤال حول إن كان هنالك تمديد لقرار أمر الدفاع وسط دعوات وصوت مبحوح مخلوط بالدموع ، تقول "أكلنا من الناس صرنا عايشين على الصدقة".
في الثامن والعشرين من شهر آذار/مارس من العام 2021 أصدر رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، أمر الدفاع رقم 28 لسنة 2021 والذي يتيح استمرار تقاضي التجازي دون حبس المدين حتى نهاية كانون الأول من العام ذاته ومنع المدين من السفر حتى قضاء الدين وحتى إيجاد حلول بين الطرفين.
أمر الدفاع كان يمدد قبيل إنتهاء مدته , لكن في المرة الأخيرة لم يصدر قرار بعد حول تمديد أمر الدفاع والذي ينتهي الأحد الثلاثون من نيسان/ إبريل 2023.
يترقب أبو مهند هو الآخر قرار تمديد أمر الدفاع المتعلق بحبس المدين عله يحصل على وقت إضافي يسعفه في سداد جزء من ديونه وإبعاده خطوات عن مواجهة الزنزانة مرة أخرى.
أبو مهند كان يعمل في تجارة الورق الصحي والمنظفات, بحسب ما يرويه فإن أحد التجار احتال عليه بمبلغ كبير أودى به للتعثر بمقدار 230 ألف دينار أردني , ليحكم عليه عقبها بالسجن في العام 2013.
بعد عدة شهور خرج أبو مهند من السجن بتقديمه للاستئناف لكن وبسبب عدد المشتكين الذين وصلوا لـ25 شخصاً واجه عقوبة السجن مرة أخرى قبل أن يتم الإفراج عنه بتفعيل أمر الدفاع المتعلق بحبس المدين خلال جائحة كورونا.
"18 قضية تنفيذية تلاحقني و 28 طلبا , إذا انتهى أمر الدفاع سأكون مضطراً لمواجهة السجن مرة أخرى وربما تصل العقوبة مدى الحياة" يقول.
خلال اتصالنا معه صادفته إحدى الدوريات التابعة للأمن العام واستمعنا للحديث الذي دار بينه وبين الشرطي من خلال التدقيق على الهوية وإشعارات التوقيف. أبو مهند قال جملة للشرطي "أنا كل يوم قبل لأطلع برن على التنفيذ القضائي" وعند سؤالنا عنها أجاب بأنه يحرص على استمرار إشعار عدم التوقيف كما ذكر لنا حادثة له مع إحدى الدوريات ومشادات انتهت بتوسل طفله للشرطي بـ "ياعمو لا تحبس بابا" ليرد عليه الآخر "رح ناخذه شوي معنا ونرجعه" قبل أن يتم السماح له بمتابعة الطريق لصحة الوثيقة التي يحملها.
يحاول أبو مهند سداد ماتبقى عليه من دين بقيمة 63 ألف دينار, رغم تدني دخله الشهري الذي لا يتعدى 250 دينارا بالإضافة لإيجار منزله ومصاريف المعيشة.
الحكومة: حبس المدين لم يؤثر على السجون
وزير العدل أحمد الزيادات أكد في تصريحات له خلال اجتماعه مع اللجنة القانونية النيابية مؤخرا أن عدد المدينين في جميع دوائر التنفيذ حوالي 158 ألفا 68% منهم يقل دينهم عن 5 آلاف دينار و87% أقل من 20 ألفا.
مدير مراكز الإصلاح والتأهيل العميد فلاح المجالي أكد في اللقاء ذاته أن نسبة النزلاء في مراكز الإصلاح وصلت إلى 163% وهذا مؤشر سلبي ينعكس على الخدمات المقدمة للنزلاء.
أما رئيس اللجنة القانونية النيابية غازي الذنيبات, فأشار في تصريحات إعلامية أن المشكلة تكمن في عدد المدينين الذي قد يصل إلى 60 ألف شخص يترتب عليهم ديون أكثر من خمسة آلاف دينار لافتاً إلى أن نحو 100 ألف شخص متعثر يواجهون خطر الحبس في حال وقف العمل بتمديد أمر الدفاع , وأن أكثر من 10 آلاف أردني متعثر غادروا خارج الأردن.
بالنسبة للنائب ذنيبات فإن قانون التنفيذ السابق سهل عمليا في حل الخلافات بين الدائن والمدين.
النائب ذنيبات رفض الحديث حول تمديد أمر الدفاع والتعليق عليه مكتفيئا بعبارة "شوفولكم نائب غيري مو معقول أصرح للأردن كلها".
حملة سامح تؤجر حلت قضايا بقيمة 4 ملايين دينار والمنسق للحملة: الرقم بسيط
الناشط أحمد السرخي وهو ناشط بقضية المتعثرين ومنسق حملة "سامح تؤجر" يصف القانون المتعلق بحبس المدين والمالكين والمستأجرين بأنها قوانين "ظالمة" .
"القانون اللي يحبس شخص ما معه يطعمي أولاده أو شخص غير قادر على سداد الدين , ولما أكون متعثر بمبلغ 5 آلاف دينار وبعد سنة يصير 7 آلاف دينار, والقاضي يرفض الاستماع لمظلمتي بحجة عدم وجود محامي والذي يحتاج لأجور, هو قانون ظالم" يقول السرخي.
السرخي تاجر في مواد صناعية, وجد نفسه في العام 2014 في خانة المتعثرين بمبلغ قيمته 28 الف دينار بسبب يعزيه لارتفاع الأسعار وتكلفة الجمارك والظروف المعيشية والاقتصادية, فصار بمواجهة 10 قضايا رفعت ضده.
الشاب المتعثر استفاد من أمر الدفاع 28 واستطاع خلاله سداد مايترتب عليه وتقليص المبلغ لـ8 آلاف دينار أردني.
السرخي نظم عدة وقفات احتجاجية ضد حبس المدين وأطلق عدة مبادرات لمحاولات التسوية بين الدائن والمدين كان آخرها حملة "سامح تؤجر" والتي بدأت خلال شهر رمضان العام الحالي, حيث استطاعوا التسوية بين الأطراف والمسامحة بمبالغ وصلت لـ 5ملايين و700 ألف دينار أردني .
يرى السرخي أن النتائج التي حققتها المبادرة تعتبر بسيطة مقارنة بشيكات راجعة من العام 2022 تقدر بـ42 مليار دينار أردني.
"الربا والقروض باتت في بيوت الأردنيين جميعهم دمرت الشعب, الواحد ياخذ قرض ليسد قرض آخر, الرواتب متدنية , والشخص يتداين ليأكل ويشرب ويسدد إيجار منزله" .
يؤكد السرخي أن أيجاد التسوية وخلقها من قبل الحكومة بين الأطراف وتمديد أمر الدفاع المتعلق بحبس المدين هو الحل المؤقت الأفضل في الوقت الراهن
خلال إعداد هذا التقرير وصل لنا فيديو لمتعثرين يؤدون القسم الموحد بالتسليم الجماعي للأجهزة الأمنية في حال عدم تمديد أمر الدفاع.
وفي استبيان حول حبس المدين, حرصنا من خلاله على مشاركة المتعثرين فيه وكانت النتائج على النحو التالي:
59.2% من المشاركين في الاستبيان موظفون/أفراد بينما كان عدد المشاركين من التجار 40.8%
93.2% أجابوا بأنهم متعثرون بينما أجاب 6.8% بأنهم لم يصلوا للتعثر
79.1% استفادوا من أمر الدفاع المتعلق بحبس المدين مقابل 20.9% لم يستفيدوا منه
39.8% حصلوا على قروضهم من البنوك , 16.1% من الشركات, و 44.2% حصلوا عليها من جهات تمويل خاصة
بلغ عدد المتعطلين عن العمل المشاركين في الاستبيان 77.8% مقابل 22.2% من العاملين
64.2% تمت محاكمتهم , 12.1% لم تصل قضاياهم للمحاكم بعد, و 23.7% قضاياهم منظورة أمام القضاء
تراوحت مدة الحكم بين 90 يوم توقيف و 8 سنوات سجن بالإضافة لإحكام منع السفر وأخرى قابلة للتمديد
67.8% من المشاركين بالاستبيان سددوا جزءا من المبالغ المدانين بها مقابل 32.2% لم يسددوا بعد
93.2% مع قرار تمديد أمر الدفاع المتعلق بحبس المدين بينما أجاب 6.8% بأنهم ضد ذلك
*باقي نتائج الاستبيان في الصور بالأسفل . نيسان
لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
|
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |