رم - صباح الخير ايتها الصامتة بكل الكلام ، صباح الخير ايتها الصابرة على كل الاحمال ، ايتها المفارقة في ايام الجٓبر العٓشر التي اقسم بها المولى عز وجل في فجرهن الذي رحلتي في بواكيره ، ميّسر ابو عنزة ، كانت في الظّل ظلنا جميعا ، كاتمة لكل حكايانا وصامتة بصبر المؤمنين ، لكنني اليوم سأبوح لروحها المكلومة في الحياة ، بعد فاجعتين ومأساة ، فقدت ابنين احدهما مأساة وثانيهما فاجعة وظلت صابرة صامتة ، ترمّلت واظنها تحررت من سطوة سعد لكن بعد فوات وقت الكلام .
كنت اتحرى نطقها ، احاول اتحسس حروفها ، فأتمحك فيها وسط الحديث قائلا ( كما قالت أمي ) تبتسم بملائكية حزينة وتقول : ( أنا ما حكيت يا ميمتي ) ، يا الله حتى في فرحها كانت تستخدم التصغير ، هل انهكتها الحياة فكانت وفاتها من وجع الحياة ، ام ان زواجها من رجل تمرّس على الصعب ، فأركنها في فسحة ضيقة وأخذ كل المساحة ، ولعلني تواطأت معه ، لأنه اذعن فترك اسمه ليصبح ابا صخر ، فكنت معه عليك ، وكنت ارى فرحتك في ذلك ، فأذعنت برغبة لرغبتك .
هل ابكي رحيلك ، ام ابكي وحدتي بعدك ، فكل وجع قبل وجعك سهل ومهما كبرنا نحتاج تلك الدعوة وتلك البسمة وكثير من الوصايا ، احتاج من يقول لي اختك واخوتك ، احتاج من يمرر شكوى اولادي ، واحتاج تلك اليد المبلولة بماء الوضوء لاطفاء نار حرقتي لكثرة ما قاسيت وعانيت ، احتاجك رغم كل العمر ، فثمة حديث لم يكتمل وثمة نميمة ضاحكة احاول استدراجها من ثغرك وثمة وجع لم أتجرأ عليه ، عن سعد الذي رحل ، ثمة وشوشة وكثير من وعود ، لكنك مشيت كعادتك على رؤوس اصابعك كي لا تتعبينا ورحلت الى مليك مقتدر .
اعرف مدى شوقك للحبيب مصطفى الذي غافلنا ورحل ، واعرف شفقتك على ابراهيم الذي للكلى غسل ، واعرف توقك لعتاب رقيق مع سعد الذي تركنا على عجل ، فأقرئيهم السلام بلا كلل او ملل ، واني على الوعد والموعد بلا كلل .
أمي ، ميسر ابو عنزة ، بفخر اقول اسمها وبوعد انطق حروفها ، فلقد تحررت يا ميمتي واقول لك كل يوم وساعة ، مهما كتبت ومهما قلت سأبقى في محراب أمي ، أُمّي .