حوار مع الإمام عبد العزيز بن باز حول طاعة أولي الأمر (الحكام والعلماء)


رم -
رم - واحة الإيمان

تالياً نص الحوار مع الإمام عبد العزيز بن باز حول طاعة أولي الأمر (الحكام والعلماء) : 
 
السؤال : ما المراد بطاعة ولاة الأمر في الآية هل هم العلماء أم الحكام ولو كانوا ظالمين لأنفسهم ولشعوبهم؟
الجواب : يقول الله عز وجل :  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)[ سورة النساء: 59]  
وأولو الأمر هم : العلماء والأمراء. أمراء المسلمين وعلماؤهم يُطاعون في طاعة الله. إذا أمروا بطاعة الله, وليس في معصية الله . 

فالعلماء والأمراء يطاعون في المعروف؛ لأنه بهذا تستقيم الأحوال, ويحصل الأمن, وتنفذ الأوامر, ويُنْصَفُ المظلوم, ويُرْدَعُ الظالم . أما إذا لم يطاعوا فسدت الأمور, وأَكَل القويُّ الضعيفَ؛ فالواجب أن يطاعوا في طاعة الله, وفي المعروف سواء كانوا أمراء أو علماء. العالم يبيِّن حكم الله, والأمير ينفذ حكم الله .. هذا هو الصواب في أولي الأمر: هم العلماء بالله وبشرعه, وهم أمراء المسلمين عليهم أن ينفذوا أمر الله, وعلى الرعية أن تسمع لعلمائها في الحق, وأن تسمع لأمرائها في المعروف. 

أما إذا أمروا بمعصية سواء كان الآمر أميرا أو عالما فإنهم لا يطاعون في ذلك؛ فإذا قال لك أمير اشْرب الخمر فلا تشربها, أو إذا قال لك كُلِ الربا فلا تأكلْه, وهكذا مع العالم إذا أمرك بمعصية الله فلا تطعْه، والتقيُّ لا يأمر بذلك لكن قد يأمر بذلك العالم الفاسق.  والمقصود أنه إذا أمرك العالم أو الأمير بشيء من معاصي الله فلا تطعْه في معاصي الله (  (إنما الطاعة في المعروف)). 

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((  لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)), لكن لا يجوز الخروج على الأئمة وإن عصوا؛ بل يجب السمع والطاعة في المعروف مع المناصحة ولا تنزعنَّ يدا من طاعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((  على المرء السمع والطاعة في المنشط والمكره وفيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية الله فإن أمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة)) ويقول عليه الصلاة والسلام : ((  من رأى من أميره شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة فإنه من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية)) 

وقال عليه الصلاة والسلام : ((  من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جماعتكم وأن يشق عصاكم فاقتلوه كائنا من كان)), والمقصود أن الواجب السمع والطاعة في المعروف لولاة الأمور من الأمراء والعلماء, وبهذا تنتظم الأمور وتصلح الأحوال ويأمن الناس ويُنصف المظلوم ويُردع الظالم وتأمن السبل, ولا يجوز الخروج على ولاة الأمور وَشَقِّ العصا إلا إذا:

1- وُجِدَ منهم (كفرٌ بواح), عند الخارجين عليه من الله برهان.
2- و(يستطيعون) بخروجهم أن ينفعوا المسلمين, وأن يزيلوا الظلم, وأن يقيموا دولة صالحة. أما إذا كانوا لا يستطيعون فليس لهم الخروج -ولو رأوا كفراً بواحاً-؛ لأن خروجهم يضر الناس ويفسد الأمة ويوجب الفتنة والقتل بغير الحق، ولكن إذا كانت عندَهم (القدرة) و(القوة) على أن يزيلوا هذا الوالي (الكافر) فلْيزيلوه ولْيضعوا مكانه والياً (صالحاً) ينفذ أمر الله؛ 

فعليهم ذلك إذا وجدوا :
1- كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان وعندهم.
2- قدرة على نصر الحق.
3- وإيجاد البديل الصالح وتنفيذ الحق .

   السؤال : هل عجزهم يعتبر براءة للذمة أي ذمتهم؟  
الجواب : نعم، يتكلمون بالحق ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويكفي ذلك، والمعروف هو ما ليس بمعصية فيدخل فيه المستحب والواجب والمباح كله معروف مثل الأمر بعدم مخالفة الإشارة في الطريق فعند إشارة الوقوف يجب الوقوف؛ لأن هذا ينفع المسلمين وهو في الإصلاح وهكذا ما أشبهه . 

سؤال : ما حكم سن القوانين الوضعية ؟ وهل يجوز العمل بها ؟ وهل يكفر الحاكم بسنة هذه القوانين ؟  
جواب : إذا كان القانون يوافق الشرع فلا بأس به مثل أن يسن قانونا للطرق ينفع المسلمين وغير ذلك من الأشياء التي تنفع المسلمين وليس فيها مخالفة للشرع, ولكن لتسهيل أمور المسلمين فلا بأس بها . أما القوانين التي تخالف الشرع فلا يجوز سنها؛ فإذا سَنَّ قانونا يتضمن أنه لا حد على الزاني أو لا حد على السارق أو لا حد على شارب الخمر فهذا قانون باطل, وإذا اسْتحلَّه الوالي كَفَرَ؛ لكونه اسْتحلَّ ما يخالف النص والإجماع, وهكذا كل من استحلَّ ما حرم الله من المحرمات المجمع عليها فهو يكفر بذلك .

   السؤال : كيف نتعامل مع هذا الوالي؟
الجواب : نطيعه في المعروف وليس في المعصية حتى يأتي الله بالبديل .  




عدد المشاهدات : (4935)

تعليقات القراء

شكرا للموضوع
شكرا عالحوار و الموضوع الرائع... وفقط للتنويه الصورة على اليمين للشيخ ابن باز رحمه الله وعلى اليسار لمفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ خطيب عرفة.
06-05-2011 02:06 AM
طالب علم
حوار أكثر من رائع .. بارك الله فيكم يا إخواني ..
كم نحن بحاجة لعلم هؤلاء الأئمة حينما نرى شلالات الدماء من إخواننا المسلمين الذين اقحموا أنفسهم فيما لا قبل لهم به, والله تعالى لا يكلفنا ما لا نستطيع, والفاجر فجوره على نفسه .
لكن الصورة هذه للشيخ عبد العزيز آل الشيخ وليست للشيخ ابن باز -رحمه الله-
29-04-2011 03:23 AM
العبادي
جزاكم الله خير
28-04-2011 09:38 AM
العبادس
جزاكم الله خير
28-04-2011 09:37 AM
حوار أكثر من رائع .. بارك الله فيكم يا إخواني ..
كم نحن بحاجة لعلم هؤلاء الأئمة حينما نرى شلالات الدماء من إخواننا المسلمين الذين اقحموا أنفسهم فيما لا قبل لهم به, والله تعالى لا يكلفنا ما لا نستطيع, والفاجر فجوره على نفسه .
27-04-2011 10:04 AM

أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :