مشاريع استراتيجيه أردنيه كانت مطروحه سابقا تعاود الظهور من نافذه صفقة القرن ماذا وراء ذلك؟


رم -

العقيد الركن متقاعد نضال ابوزيد

تطل علينا الماكينه الاعلاميه المحليه والعالميه بتسريبات تتصاعد طرديا مع استمرار الموقف الأردني الرافض لمخرجات صفقة القرن، وتتلخص هذه التسريبات بملاحق اقتصاديه لصفقة القرن تم الكشف عنها مؤخرا تتعلق بقيمة المساعدات والمنح والتسهيلات التي سيتم منحها للاردن، من هنا يركز هذا التحليل بعيدا عن لغة الأرقام غير الموثوقه وغير الموثقه رسميا، على غرابة الوجه التنموي والاقتصادي لصفقة القرن من خلال الحزم الاقتصاديه والاستثماريه التي ستقدم ضمن حزم الصفقه، وبالنظر الى التسريبات والوثائق ان صحة (وأعتقد انها صحيحه) يلاحظ مايلي:
-1 ان المشاريع التي ستدعمها الحزمه الاقتصاديه والاستثماريه كانت مدار حديث الشارع الأردني منذ مده طويله فمثلا مشروع ناقل البحرين أو مشروع خط سكة الحديد من حيفا إلى شرق عمان وجنوبها ومشروع عمان الجديده هي ليست وليدة اللحظة.
-2 تشير المشاريع المطروحه إلى أن جميعها مرتبط بدول إقليميه او اسرائيل وبالتالي تتطلب جهد دبلوماسي يبقي استمرارية المضي في هذه المشاريع رهن العلاقات الدبلوماسيه مع هذه الدول مما سيجعل مشاريع استراتيجيه بهذا الحجم رهن التحكم بها من خلال التطورات السياسيه للاقليم بشكل كامل.
-3 اذا ما أخذنا بعين الاعتبار ان هذه المشاريع كانت حديث الشارع الأردني منذ فترات ليست قصيرة اذا مالذي جعلها تظهر على السطح مره اخرى رغم قناعه عامه لدى الشارع انها كانت مجرد افكار.
ويمكن اجمال هذه المشاريع كما يلي:
-1 مشروع ناقل البحرين تم توقيع مذكرة تفاهم في واشنطن أردنيه - فلسطينيه - اسرائيليه عام 2013 للبدء بتنفيذ المشروع إلا أنه تم إيقافه لأسباب مجهولة، والان نسمع فجأه عن تمويل المشروع من خلال الحزم الاقتصاديه لصفقة القرن.
-2 مشروع أنبوب النفط العراقي البصرة - الزرقاء - العقبه حيث حاول الجهد الدبلوماسي من خلال زيارات رسميه مكوكيه لبغداد التأكيد على تنفيذ هذا المشروع منذ عام 2015 وتم إيقاف إجراءاته فجأة بحجة الأوضاع الامنيه في العراق والان أيضا فجأه تعاود صفقة القرن للحديث عن دعم توجهات تنفيذ هذا المشروع، وتدعمه بمشروع مصفاة البترول الكويتيه في معان الذي يتوقع ان تتغذى بالنفط الخام من هذا الأنبوب.
-3 مشروع سكة حديد حيفا- عمان - معان هذا المشروع ليس جديد ومنذ ان تم إنشاء طريق عمان التنموي من المطار إلى الزرقاء بتمويل خليجي كانت تتردد بين الأوساط الشعبيه والرسميه ان هنا استملاكات للأراضي محاذيه للطريق الذي يتقاطع جزء منه مع خط الحجاز ليسير جنبا إلى جنب مع سكة حديد إقليميه اكبر واشمل لم يكن معروف انذاك ملامحها.
4- مشروع عمان الجديده لم يكن عبثا ان أطلقت الحكومة السابقه على لسان ناطقها الرسمي تسريبات المشروع وكانت بصفه رسميه وما لبثت الفكره ان وئدت في مهدها انذاك لأسباب مجهولة.
5- مشاريع السايبر ومشاريع الربط الإلكتروني وقد سمعنا بمصطلحاتها منذ أعوام الا انها كانت تواجه معوقات ترغم الحكومة على وقف التقدم بها.
بقي لنا أن نقول هنا، أن ثمة دخان غريب يخرج من نار صفقة القرن يوصلنا من خلال الحقائق السابقه إلى الاستنتاج التالي:
1- تشير قيمة المنح والمساعدات التي سيتم منحها ان الاردن جاءت في الترتيب الثالث ويسبقها في قيمة المساعدات مصر والسلطة الوطنيه الفلسطينيه رغم الكلف الاستراتيجيه و الديموغرافيا والجيوستراتيجيه الأعلى على الاردن نتيجه هذه الصفقه، فهل هو خطأ في حسابات طباخي الصفقه ام ان الخيار الثاني وهو الأكثر احتمالا انها أرقام مدروسه بعنايه فائقه، ومن وجهة نظر تحليليه يرجح هذا الخيار من باب إجبار الاردن في مراحل لاحقه على تقديم تنازل اكبر واخطر مقابل قيمة منح اكبر واشمل قد يكون ثمنها السيناريو الأكثر خطورة على الدولة الاردنيه والذي تكلمت عنه سابقا وهو الكونفدراليا.
وبهذه الطريقه تكون القيمة المدفوعه للاردن وفلسطين مدمجه وتكون الحصه الأكبر للطرفي الكونفدراليا دون أن يتم تغير اي من مدخلات صفقة القرن وانما دمج هذه المدخلات لإنتاج مخرج واحد.
2- يبدو أنه يتعمد دوليا واقليما ابقاء مصير الاردن الاقتصادي مرتبط نوعا ما بدول الاقليم وتتحكم في مخرجاته الحاله الامنيه في الدول المحيطه، مع مراعاة ان المبدء الاساسي الذي يبنى عليه اي دعم يوجه للاردن، عدم إعطاء المجال لإستقلال الاقتصاد ومشاريع التنميه والمحافظة على بقاء مفاصل الثقل الاقتصادي مرتبط بالدول المانحه او البنك الدولي.
2- يبدو ان واضعي بنود الصفقه وحتى نكون دقيقين اكثر الجانب التنموي منها إما كانوا على علم ودرايه بافكارنا ويتم اعاقتها ووضع العراقيل امامها ليصار إلى تنفيذها الآن وبشروط ومقاسات صفقة القرن، او اننا نعرف مسبقا بالترتيبات التي يتم طبخها في مطابخ صنع القرار لصفقة القرن، ومنها كان الحديث عن هذه المشاريع في الشارع منذ أعوام سابقه واختفت فجأه لتعاود الظهور أيضا فجأه ( طبعا فجأه من وجهة نظرنا نحن)، في النهايه نخلص إلى ان الاردن ظلمته الجغرافيا ووضعته في جوار اقليمي ملتهب وبيئه داخليه صعبه، ويبقى المشهد كله مرهون بمدى القدره على الثبات الداخلي والمناورة السياسيه الخارجيه والتكيف مع تطورات الاقليم الامنيه والتكتلات والمحاور الجديده التي اعتمدت المصالح على حساب المبادئ.

 




عدد المشاهدات : (6108)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :