الإنتاج والتصنيع المنزلي لربات البيوت .. والرد المناسب لمواجهة الاحتكار


رم -

بقلم الدكتور محمد ابراهيم عبيدات
ما زلت أتذكر أن أسرأً عديدة في الريف والبادية الأردنية في بدايات القرن العشرين وما بعدها كانت لا تحتاج الكثير من احتياجات الحياة- ما عدا السكر والقهوة الخ- . ذلك أن القيم الإجتماعية التي كانت سائدة آنذاك والتي شكلتها الظروف السياسية والإقتصادية الصعبة في الخمسين أو الستين سنة الأولى من القرن الماضي هي التي مكنت سكان الأرياف والبوادي من الإحتفاظ بأراضيهم وحياتهم.
الأمور كانت سهلة حيث كان أرباب الأسر والبيوت يقوموا أو يقمن بالزراعة لكل ما يمكن زراعته من محاصيل ومنتجات أخرى. ربات البيوت كن يقمن بالزراعة للحواكير الملاصقة لبيوتهن بالمحاصيل والخضار مع تربية الدجاج والأرانب على ما أذكر.
بإختصار، كانت معظم الأسر تعتمد على الإنتاج الزراعي لما يتيسر من أرض، كانت تعتمد على تصنيع ما توفر من منتجات أو محاصيل وغيرها لتصنيعها لتلبية احتياجات أسرهن من جهة بالإضافة الى التحوط من أيام قاسية قد تواجههم كن يقابلهن بوضع ما يتوفر من منتجات في بيت كان يسمى بيت المونة
بناء على ما تقدم فإن التراجع المستمر في القدرات الشرائية للأسر من الطبقتين الدنيا والوسطى سببه الارتفاع الممنهج أسعار مختلف السلع والخدمات التي تحتاجها.
الحقيقة أن هذا الأمر، رتب حوافز قوية لدى ربات البيوت للقيام بالتصنيع المنزلي للسلع التي يقدرون على زراعتها. ذلك أن إتفاق المحتكرين وتحت عنوان الشراكة الثنائية بين القطاعين أدى ويؤدي الى إستمرار حالة الإفقار والإذلال لأفراد هاتين الطبقتين. على سبيل المثال، سيؤدي تطبيق قانون ضريبة الدخل الذي تم إقراره مؤخراً الى كسر ما بعده كسر للقدرات الشرائية والمالية للطبقة الوسطى بالإضافة الى أنه- أي هذا القانون- سيرفع أسعار مختلف المنتجات- سلعاً وخدمات لذا فإن تطبيق أغلبية أفراد الأسر يعرفون أن حالة الكساد ستعمق أكثر فأكثر بعد تطبيق هذا القانون وهو ما يؤدي بالنتيجة الى انخفاض ملموس في الإستثمار مع زيادة بؤر الفقر والبطالة.
كما يبرز السؤال المهم، ماذا يترتب على ربات البيوت عمله لمواجهة هذه الحالة الغريبة في التعامل مع شئوننا الإقتصادية؟ للإجابة على هذا السؤال، نرى ضرورة مبادرة ربات البيوت لإنتاج وتصنيع ما يمكن تصنيعه منزليا. على سبيل المثال، لماذا لا تقوم ربات البيوت في الأرياف والبادية والمخيمات بتصنيع الخبز والحلويات البسيطة في بيوتهن. لماذا لا يقمن بزراعة القمح والعدس والحمص والفول وغيرها من خلال ما يتوفر لدى البعض منهن أراضي لزراعتها؟ لماذا لا تقوم ربات البيوت في تلك المناطق بإعداد أطباق الحمص والفلافل والفول وغيرها في بيوتهن؟ لماذا لا تقوم ربات البيوت بالمناطق الريفية والبدوية بزراعة ما يتوفر لهن من أراض وحواكير حول بيوتهن بأنواع أخرى من الخضار والأعشاب المفيدة؟ لماذا لا تقوم ربات البيوت وأرباب الأسر بزراعة القمح والعدس وتربية النحل في بيوتهن؟ لماذا لا يكون في كل بيت من البيوت في تلك المناطق شجرة أو أكثر من العنب والتين والليمون وغيرها من الفواكه؟ كمتخصص في سلوك المستهلك الذي هو حقلا من حقول الاقتصاد الواقعي أقول أن ربات البيوت وباقي أفراد ألأسرة لديهن فرصة كبيرة لممارسة فعاليات الاقتصاد الأهلي غير الرسمي الذي لا يمكن احتكاره أو السيطرة عليه كما يحدث الآن في عمان وغيرها من المدن من قبل بعض الإحتكاريين وتحت عناوين المشروعات الصغيرة والمتوسطة لكنها أي تلك العناوين هدفها تكريس وتعميق سيطرة وهيمنة القطاعين الحكومي والخاص ولمصلحة المحتكرين في العاصمة ممن يملكون المال!!

الحقيقة، إن مبادرات ربات البيوت هي الرد الصحيح علمياً وعملياً على ما يحاول المحتكرون فعله تحت شعارات أفقدوها من مضمونها بممارساتهم المكشوفة والأمثلة على فشلهم وخيبتهم كثيرة ومتعددة.. أرجوكم إقروأ الصحف والدعاوى التي تقام هنا وهناك بسبب عجز المستهدفات والمستهدفين عن أداء ما عليهم أو عليهن من إلتزامات مالية.

ختاماً، يقول الخبراء المتخصصون بالإقتصاد الأهلي غير الرسمي أنه لا يصح إلا الصحيح. والصحيح كما يقول خبراء الاقتصاد الأهلي غير الرسمي يرتبط باعتراف المحتكرين بالقطاعين الحكومي والخاص( وبالمناسبة هما بالأصل طرفاً واحداً وليس إثنين) بمساهمة الإقتصاد الأهلي غير الرسمي. إن الدولة إذا أرادت تغيير النهج الإقتصادي فعليها الإعتراف بالشراكة الثلاثية مع تحديد المسئوليات والأدوار لكل شريك. ذلك أن إعطاء ربات البيوت في الأرياف والبادية والمخيمات دورهن الحقيقي في عملية المساهمة الفعلية لتنمية الإقتصاد الوطني الكلي وهو ما سينعش هذا الاقتصاد. غير مقبول إطلاقاً أن يتدخل القطاع الخاص للسيطرة على فعاليات الإقتصاد الأهلي غير الرسمي عبر ممارسات ظالمة وغير متوازنة أو سياسات تمويل أو إقتراض عاجزة عن فهم متطلبات مقدرات النساء والشباب في الأرياف والبوادي والمخيمات. ذلك أن المحتكرين في الإقتصاد الخاص يقومون وسيقومون بتدمير فعالياته لأن مساهماته وعوائده لن تكون في صالحهم أو في جيوبهم.

عالمياً وإقليمياً وعلمياً يعتبر الإقتصاد الأهلي غير الرسمي الشريك الثالث الذي يدعم وينشط ربات البيوت في الريف والبادية والمخيمات. ذلك كل ما تحتاجه تلك الأسر في تلك المناطق عبارة عن قانون يتسم بالمرونة لتسهيل الأهداف المرجوة من هذا الإقتصاد الأهلي غير الرسمي. ذلك أن هذا النوع من الإقتصاد تمثله ربات البيوت والجمعيات والنوادي الإجتماعية في تلك المناطق بعيداً عن القطاع الخاص وعملائه هنا وهناك.

ختاماً، نحن بحاجة الى قانون ينظم فعاليات الاقتصاد الأهلي غير الرسمي يكون الدور الفعلي فيه لربات البيوت والشباب في تلك المناطق بعيداً عن سيطرة المحتكرين في القطاع الخاص




عدد المشاهدات : (2311)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :